لم يبق باب في دوائر الدولة او في مؤسسات الرعاية الاجتماعية إلا وطرقته إيناس (44 سنة)، وهي أم لثلاثة أطفال منذ أن قُتل زوجها قبل عامين، بحثاً عن فرصة عمل ومعونات مادية تعيل بها أسرتها، لكنها لم تحصد سوى «الوعود الطيبة التي لا تغني ولا تسمن»، كما تقول إيناس التي تؤكد أن أولادها لم يلتحقوا بمقاعد الدراسة لأنها غير قادرة على تحمل التكاليف اللازمة لذلك. وتروي ايناس: «قتل زوجي في مدينة الدورة جنوب بغداد أثناء مواجهات مسلحة قبل ثلاثة أعوام ومنذ ذلك التاريخ ونحن بلا معيل ونعتمد على المساعدات التي يقدمها لنا الأقارب والجيران». لكن حال إيناس هذه تبدو مألوفة في العراق اليوم وقد تستحق الشفقة لكنها لا تثير الاستغراب أبداً، فهي واحدة من ضمن مليوني أرملة من مجموع تسعة ملايين إمرأة في العراق بحسب تقديرات وزارة المرأة، هن ضحايا الحروب والكوارث التي حصلت في البلاد لا يحصل معظمهن على معونات حكومية، فهناك 84 ألف أرملة فقط تصل إليهن المعونات كما تشير الإحصاءات الرسمية. وفيما تغيب هذه الإحصاءات عن عدد المطلقات والعوانس اللواتي لا يملكن مورداً معيشياً ثابتاً، ترى نجوى (37 سنة)، خريجة بكالوريوس في الأدب العربي منذ أكثر من خمسة عشر عاماً وعاطلة من العمل منذ حينه، إن التقاليد الاجتماعية تمنعها من مراجعة الدوائر الرسمية لطلب المساعدة، فكلمة عانس «معيبة» وتوفير فرص عمل أفضل من تخصيص المعونات المادية. وتعزو نجوى ارتفاع أعداد النساء العوانس إلى صعوبة الأوضاع الاقتصادية التي يعيشها الشباب، ما أدى إلى عزوفهم عن الزواج وتضيف: «مشكلات المرأة في العراق لا تقتصر على الأرامل والعوانس والمطلقات، فهناك مشكلات العنف ضد النساء وما يُسمى بجرائم الشرف التي ترتكب بحقهن، إضافة إلى اتساع ظاهرة ختان الإناث وغيرها من مظاهر العنف». وكان مجلس الوزراء أعلن تشكيل دائرة تعنى بالأرامل والمطلقات والنساء ممن بلغن سن 35 عاماً وليس لديهن مورد ثابت. ويوضح المستشار الاعلامي في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، عبدالله اللامي إن مجلس الوزراء خصص رواتب شهرية للمشمولات تصل إلى 150 ألف دينار لكل ارملة او مطلقة وتحديد نسبة 25 في المئة من الراتب المخصص لهذه الفئات لكل طفل يتبع لهن. ويشير اللامي إلى أن الوزارة تسعى إلى حصر أعداد المستحقات من خلال استمارات استبيان وزعت على الأرامل والمطلقات والعوانس ورفد اللجنة المشكلة بأعداد المستحقات فعلاً.