في صبيحة يوم 19 نوفمبر من العام 1954 انطلقت صرخات مولود جديد، لم تكن أسرته أو أقاربه أو عائلته الممتدة جذورها إلى محافظة المنوفية شمال العاصمة المصرية القاهرة تعلم أو يجول بخاطرها أن الأقدار ستكتب له سطوراً باسمه في تاريخ مصر الحديث، وأنه سيكون قائد الجيش الذي حمى بلاده من السقوط في براثن الإرهاب والفاشية الدينية، وأخيراً الرئيس السابع لمصر من أبنائها والساكن الجديد في قصر الرئاسة بالاتحادية بضاحية مصر الجديدة. الجمالية ففي الطابق الرابع والأخير في العقار رقم 7 بعطفة «البرقوقية» من شارع «الخرنفش» الواقع على جنبات شارع المعز لدين الله الفاطمي بالحي الأثري «الجمالية» جنوبالقاهرة، ولد وتربى وعاش عبدالفتاح السيسي مع والديه وأشقائه، فتره طفولته وصباه في عقار يملكه الجد حسين السيسي، ولا يزال يتواجد به أقرباء أغلبهم سكنوا المنزل بعد رحيل عبدالفتاح عن الحي. وتقع العطفة كما تقول صحيفة «الأهرام» في منتصف متحف مفتوح للآثار الإسلامية في القاهرة الفاطمية، وعلى بُعد أمتار قليلة من مسكن عائلة السيسي، يقع العقار رقم 3 في حارة خميس العدسي، الذي سكن في الطابق الثاني منه الزعيم الراحل الرئيس جمال عبدالناصر لمدة 3 سنوات في المرحلة الابتدائية، حين أقام لدى عمه خليل حسين عام 1925. نشأته وحياته في الجمالية دراسته نشأ السيسي في عائلة ميسورة الحال، إذ عمل والده سعيد السيسي في تجارة الصدف والأرابيسك، وكان يملك وإخوته نحو 10 محلات في خان الخليلي. وفي 44 شارع سكة برجوان، كانت مدرسة البكري الابتدائية التي التحق بفصولها، حيث بدأ أبناء جيله في التعرف عليه عن قرب. ويقول بعض من زملائه خلال هذه الفترة إنه كان يفضل المواد الدراسية التي تحتاج إلى إعمال العقل والفهم، ولم يُعرف عنه الشقاوة، فالهدوء والابتسامة التي لا تفارق وجنتيه كانت من سماته المميزة. كانت طبيعة حال أسرته والحي الذي يسكنه، أن يعمل الأبناء في سن مبكرة ليكتسبوا خبرات الحياة، فكان الصبي «عبدالفتاح» يذهب لمساعدة والده في البازار بعد انتهاء اليوم الدراسي، لكن لم يكن تسويق منتجات الصدف والأرابيسك من الأمور التي تستهويه، بعكس أخيه الصغير غير الشقيق عبدالله الذي عشق المهنة ولا يزال يمارسها حتى اليوم في خان الخليلي، ومع هذا كان لعمله في البازار أبلغ الأثر في تعلم وإتقان اللغات الأجنبية المختلفة نتيجة الاختلاط بالسائحين. حفظ القرآن اعتاد عبدالفتاح السيسي الاستيقاظ مبكراً للحاق بصلاة الفجر في مسجد «سيدي على الإتربي» المجاور لمنزله، كما ذهب على فترات إلى جامع «أم الغلام» لحفظ القرآن الكريم مع الشيخ فتحي، بمقابل مادي 50 قرشاً في الحصة، كذلك كان يذهب وأبناء الجيرة بعد صلاة العصر بشكل متقطع إلى مسجد الحسين وجامع العدوي للاستماع إلى محاضرات الشيخ محمد متولي الشعراوي. مرات قليلة هي التي ذهب فيها مع رفقائه في رحلات إلى الإسكندرية. ولم يعرف عنه حبه للسينما، في مقابل أنه كان يستمع ويستمتع بأغاني أم كلثوم وعبدالحليم حافظ، ومع هذا كان نادراً ما يغني أو يدندن معهما.