استقال قائد الجيش وزير الدفاع المصري المشير عبدالفتاح السيسي أمس تمهيداً لترشحه لانتخابات الرئاسة المقررة في غضون أشهر والتي يتوقع أن يفوز بها بسهولة. ولم يكن عبدالفتاح سعيد السيسي (59 عاماً) معروفا قبل أن يعينه الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي لجماعة الاخوان المسلمين وزيرا للدفاع في أغسطس/ آب 2012 ، لكنه نال شعبية واسعة بعد اعلانه في يوليو/ تموز 2013 عزل مرسي بعد احتجاجات شعبية حاشدة على حكمه. وتنعكس هذه الشعبية في حوارات المصريين على المقاهي وفي المواصلات العامة. ويعرض باعة جائلون ومحال تجارية صورا للسيسي وملابس وحلي ونقودا مقلدة عليها صوره ونماذج لبطاقات شخصية له وحتى شوكولاته تحمل اسمه. والسيسي عسكري محترف صعد إلى قيادة الجيش بعد أن لعب أدوارا قيادية من بينها قيادة المخابرات الحربية والعمل ملحقاً عسكرياً في الرياض. صعود نجمه وخلف السيسي المشير حسين طنطاوي الذي شغل منصب وزير الدفاع لعشرين عاما في عهد الرئيس الاسبق حسني مبارك رغم أنه كان أصغر اعضاء المجلس العسكري. وترأس طنطاوي المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي أدار مصر لمدة 16 شهرا اتسمت بالاضطراب في اعقاب الاطاحة بمبارك في انتفاضة شعبية عام 2011. وسلم طنطاوي السلطة لمرسي في 30 يونيو حزيران 2012 بعد انتخابات رئاسية وصفت بأنها أول انتخابات حرة تشهدها مصر. وكان ينظر لقبول الجيش تعيين السيسي من قبل مرسي على أنه مؤشر لخضوع الجيش الذي خرج منه كل رؤساء مصر منذ 1952 لأول رئيس مدني للبلاد لكن بعد عام واحد عزل السيسي مرسي في استجابة لمطالب قطاع كبير من المصريين. لكن لا يرى الجميع في تحرك السيسي انحيازا لارادة الشعب وتصف جماعة الاخوان المسلمين ومؤيدوها عزل مرسي بأنه انقلاب عسكري. وربما يكون أحد أسباب شعبية السيسي انه من ابناء المؤسسسة العسكرية التي تحظى بتقدير واسع لدى غالبية المصريين. كما ينظر كثيرون له على أنه القائد البطل والمنقذ الذي خلصهم من نظام حكم نعته معارضوه بأنه "نظام فاشي ديني" وعلى أنه شخص حاسم قادر على انهاء الازمات السياسية والاقتصادية التي تشهدها مصر منذ الاطاحة بمبارك. ويخشى معارضو السيسي أن تتولى رئاسة البلاد مجددا شخصية ذات خلفية عسكرية كما كان الحال لعقود. وبخلاف السيسي لم يعلن أحد من الشخصيات السياسية البارزة في البلاد عزمه الترشح للرئاسة حتى الآن سوى حمدين صباحي الذي حل ثالثاً في انتخابات الرئاسة السابقة عام 2012. وعزا صباحي في مقابلة مع رويترز هذا الشهر شعبية السيسي إلى "الشعور الجمعي بالخوف على قضية الأمن" وهو ما يدفع الناس إلى اللجوء "إلى قوة قادرة على أن تقهر أو تفل الحديد بالحديد". لكن صباحي حمل السيسي "مسؤولية مباشرة أو ضمنية سياسية" عن انتهاكات حقوقية وقعت في مصر خلال الفترة الانتقالية التي تلت عزل مرسي. وبعد عزل مرسي اندلع عنف سياسي قتل فيه نحو 1500 شخص أغلبهم من مؤيديه ومن بينهم مئات من قوات الأمن قتلوا في تفجيرات وهجمات مسلحة نفذها متشددون في شبه جزيرة سيناء وامتد نطاقها للقاهرة ومدن أخرى. وأكد السيسي أول من أمس بحسب بيان للمتحدث العسكري "إن مصر ماضية بكل قوة في بناء دولة ديمقراطية حديثة ترضي جميع المصريين وتلبي مطالبهم وتطلعاتهم نحو المستقبل". وقال عسكريون أميركيون عرفوا السيسي خلال وجوده في الولاياتالمتحدة للحصول على زمالة كلية الحرب العليا العام 2006 إنه رجل متدين ومواظب على الصلاة وإن كتاباته كانت تعكس وعيه بأن تحقيق الديمقراطية في المنطقة ربما يكون مليئا بالصعوبات. نشأ السيسي في حي الجمالية بالقاهرة وهو حي شعبي فقير شأنه شأن الكثير من احياء العاصمة المصرية وغيرها في انحاء البلاد. وتخرج في الكلية الحربية العام 1977 والتحق بسلاح المشاة. ونال العديد من الدرجات العلمية العسكرية أبرزها حصوله على ماجستير العلوم العسكرية من كلية القادة والأركان البريطانية العام 1992 وزمالة كلية الحرب العليا الأميركية العام 2006. والسيسي متزوج ولديه أربعة أبناء بينهم ثلاثة ذكور وبنت واحدة وزوجته محجبة.