قبل افتتاح مبناه الضخم كنت أمرُ به فأُعجبُ بتصميمه، لم يكن مجرد سوق.. كان أشبه بسفينة عملاقة تحكي شموخ التايتنك غير أنها لم تجر على الماء، وبعد افتتاحه بسبعة أشهر زرته فرأيت الفارغ من متاجره أكثر من المستأجر، فعجبت أكثر كون تشغيل الأسواق الكبيرة لا يكون عبر مكاتب عقارية تضع لوحاتها منادية: المحلات للإيجار، وإنما عبر شركات تسويق تتفنن في الترويج لها، وهذا ما فعله أصحاب السوق عبر شركة متخصصة، وهو ما يعني افتراض تأجير كل المحلات لو كان النجاح متحققا، السؤال: لم بقي الكثير منها فارغا رغم مرور تلك المدة؟، ولم أخفقت الحملات الدعائية في إنعاش السوق المصاب بالسكون والخدر ؟! ربما لأن احتياجات الناس كانت تذوب داخل الأسواق المتناثرة في أحيائهم، وبالتالي لا يتبدى سوى ما يمثل القدر الفعلي لمشترياتهم، بما فيها مشتريات المهووسين بالتسوق غير المحسوب، ومع ذلك فالتجار يعانون الركود، ولو ازداد الوعي الاستهلاكي وأصبح شراء الناس بمقدار احتياجهم لأصبح الركود أكبر، بل لولا وجود الهايبر في تلك الأسواق، وكذا مطاعم الوجبات السريعة، وألعاب الترفيه، لانحسرت أعداد زائريها إلى النصف والنصف كثير ؟! فكرة الأسواق المغلقة واحدة من أكثر المشاريع إدرارا للأرباح، إلا أن نجاحها مرتهن بمعيار العرض والطلب، ذلك القانون الذي لم يعبأ به مالكو التايتنك، حين أرادوا استنساخ الفكرة عن مناطق حبتهم الكثير من الأموال فكرة الأسواق المغلقة واحدة من أكثر المشاريع إدرارا للأرباح، إلا أن نجاحها مرتهن بمعيار العرض والطلب، ذلك القانون الذي لم يعبأ به مالكو التايتنك، حين أرادوا استنساخ الفكرة عن مناطق حبتهم الكثير من الأموال، ونسوا أن لكل منطقة طبيعتها وظروفها، والنتيجة غرق سفينتهم وهي لم تبرح اليابسة ! أرض المشروع وكذا المدينة والمنطقة أحوج ما تكون إلى أفكار إبداعية، تضيف إلى المكان ولا تأخذ منه، وليس من مصلحة أحد أن يكون بين كل سوق وسوق سوق، كما في الرياضوجدة، وكما يُراد للشرقية أن تكون مُثخنة بتلك المشاريع المستهلكة، ومدننا ما كان لها أن تقع ضحية لتلك المشاريع المكرورة لولا البلادة الاستثمارية التي ألفها أرباب الأموال، استسلاما لفكرة القص واللصق الأسرع والأسهل، لذا وقبل أن ينفذ المزيد منها وبعضها ضرار لبعض، أقول: فكروا في الجديد، فمناخنا يدعوكم لمشاريع أكثر مواءمة للتعامل معه . [email protected]