في عشاء عمل غابت عنه المفاطيح وحضرته إرادات الرجال دعا اثنان من أكبر أباطرة المال الأمريكيين هما: بيل غيتس، و وارين بافيت ثُلة من أكبر أثرياء الولاياتالمتحدةالأمريكية، لعشاء تضامنا وخططا له جيدا، لم يتضمن اللقاء المنعقد في يونيو/حزيران 2009 مزادا للهياط الخيري الذي يكسب فيه المتبرعون أكثر مما ينفقون، ولكنه لقاء جاد سيدر لدى اكتماله 600 مليار دولار بحسب توقعات مجلة فوربس ! فكرة هذه المبادرة انطلقت في 2006م، حين قرر وارين بافيت التبرع ب 99٪ من ثروته لصالح الأعمال الخيرية، وبعد ثلاث سنوات تقريبا تطورت الفكرة على يد بيل غيتس وعقيلته ميليندا غيتس إلى مشروع خيري أطلقا عليه «التعهد بالعطاء» وتبرعا لأجله بنصف ثروتهما البالغة في يونيو/حزيران 2010 م: (26مليار دولار) نذراها لدعم مشاريع الصحة في الدول الفقيرة، ودعم الشباب الأمريكي في تعليمه وحياته العامة . لم يتضمن اللقاء المنعقد في يونيو/حزيران 2009 مزادا للهياط الخيري الذي يكسب فيه المتبرعون أكثر مما ينفقون، ولكنه لقاء جاد سيدر لدى اكتماله 600 مليار دولار وفي نفس العام شجعت هذه المبادرة الكثير من أثرياء أمريكا للتبرع بنصف ثرواتهم رغم الأزمة الاقتصادية التي ما زالت تلقي بظلالها على البلاد، ليرتفع عدد المتبرعين في العام ذاته إلى أربعين ثريا، من بينهم عمدة نيويورك مايكل بلومبيرغ، وتيد تورنر صاحب المؤسسة الإعلامية الشهيرة (cnn) وقد التزم بعض المتبرعين بتقديم تبرعاتهم في حياتهم، وبعضهم التزم خطيا بأداء تبرعه بعد مماته ! ما يُهمني في هذه الظاهرة غير المسبوقة حتى لدى الأمم المُعتدة بالكرم كقيمة دينية وأدبية عليا للخُلق الإنساني النبيل: لماذا تبرع أولئك بنصف ثرواتهم، أو بمعظم ثرواتهم كما وارين بافيت ؟! الجواب: لأنهم فهموا المعنى الحقيقي للمال، كما فهموا القيمة الوظيفية له كوسيلة ليس إلا، خلافا لعبيده الذين انقلبت عليهم المفاهيم، وراحوا يفنون أعمارهم في جمعه، وكنزه، وحراسته، وهم يحسبونه غاية الغايات، وهنا مكمن الخطورة ! هناك حد أدنى من الثراء إذا بلغه الإنسان صار ومن يفوقونه في الثروة بمنزلة واحدة، وما سوى ذلك أرقام وحسب، كل ألوان الثراء المعقول والمتبرعون العصاميون في الغالب عقلانيون يُمكن أن يحصل عليها من يملك 100 مليون أو 100 مليار، ومن ثم فسائر ثروة كل منهما رقم في المصارف التي يودع فيها أمواله، وهذا الذي فهمه بيل غيتس ووارين بافيت ورفاقهما، ولو فهم معظم أثريائنا ما فهموه لتبرعوا مثلهم ولكنهم في الغالب لا يفهمون ! [email protected]