في أحد مولات الدمام التقيت به صدفة، حيث كنت أتسوق، وحيث كان هو البائع، استرعى انتباهي حاجباه المحفوفان باحتراف أنثوي، فأثار لدي أكثر من علامة تعجب، الحف وخلافا لما كان يرجو ذهب ببريق الرجولة من عينيه، ولم يمنحه الجاذبية التي يريدها، فرثيت له وأنا أراه في تلك الصورة المقززة، أردت أن أقول له الكثير ، لكن وقتي ووقته لم يتسعا لذلك، لحظتها مضيت وكنت أود لو قلت له : إن حف شاربيك فهذا نظافة، وسنة من سنن الفطرة. أما أن تحف حاجبيك فذلك شيء آخر، تُرى ماذا يبقى للأسد لو فقد جمته الوافرة؟ وكيف ترى الديك بغير عرفه وبروز صدره؟ وأي شيء يبقى للطاووس لو فقد رياش ذيله المياس ؟ الرجل حين يتماهى مع المرأة بحف حاجبيه، ووضع مساحيق الزينة على وجهه، كيف تراه ؟ وكيف يبدو لك؟ مواطن الجمال في المرأة هي نفسها مواطن القبح في الرجل، ومظاهر القبح في الرجل هي ذات مظاهر الجمال في المرأة الرجل ينجذب للمرأة بدافع غريزي، والغريزة هي ما يُجملها في عينيه، وآية ذلك أن اللبؤة ليست أجمل من الأسد، والدجاجة ليست أجمل من الديك، وكذلك المرأة ليست أجمل من الرجل، لكن الدافع الغريزي هو ما يجعل لحضورها جاذبية آسرة. كما أن مظاهر الرجولة هي ما يعجبها في الرجل وليس العكس. المرأة بفطرتها لا تنجذب للرجل حين يبدو كأنثى، وكذلك الرجل، والمتشبهون والمتشبهات حين يتخلون عن صفاتهما الضدية يتباعدان ويتنافران وإن بدا تقاربهما. المرأة المُشعرة مثلا نموذج لصدمة ذوقية تجعل الرجل ينفر منها، لذا فهي تتعهد ما يظهر بالإزالة، ولك أن تتصور امرأة قد نبت الشعر في وجهها كيف تراها؟ وما مقدار نفورك منها ؟! وكذلك الرجل حين يتماهى مع المرأة بحف حاجبيه، ووضع مساحيق الزينة على وجهه، كيف تراه ؟ وكيف يبدو لك؟ مواطن الجمال في المرأة هي نفسها مواطن القبح في الرجل، ومظاهر القبح في الرجل هي ذات مظاهر الجمال في المرأة وعلى ذلك قس. نعومة الصوت الأنثوي الذي تخفق له قلوب الرجال ليس مما يُمدح في الرجل، وخشونة الصوت الذكوري الأجش ليس مما تُمدح به المرأة، وكذا نعومة البشرة وصفاؤها مطلوبان في المرأة مُستبشعة في الرجل، والذين يزيلون شعور صدورهم من الشباب لا يدرون أنهم يحرمون الطرف الآخر ثيمة جمالية لطالما رغبتها المرأة في شريك حياتها. مظاهر الاختلاف بين الجنسين هي نقاط التقائهما، والصفات المتضادة هي بؤر تجاذبهما، فإذا توافقا ليتقاربا تنافرا وتباعدا كما تتنافر أقطاب المغناطيس المتشابهة. [email protected]