صعد منافسو رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي اعتراضاتهم على نتائج الانتخابات البرلمانية التي جرت في 30 أبريل الماضي، مما قد يعرقل تشكيل حكومة جديدة ستكون برئاسته على الأرجح. وأبرز المعترضين على نتائج الاقتراع أحزاب داخل وخارج الطائفة الشيعية قدمت طعونًا تتراوح بين تشكيك في تنظيم عمليات الاقتراع ومشاكل تخللت عملية نقل الصناديق وصولًا إلى عمليات العد والفرز وتأخير إعلان النتائج. وتمكن اتئلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي من الحصول على 95 مقعدًا من أصل 328 في مجلس النواب العراقي في الانتخابات الأخيرة، فيما حصلت الأحزاب المنافسة على ما يتراوح بين عشرين إلى ثلاثين مقعدًا. وهذا يعني أنه بحاجة إلى أحد منافسيه الذين أعلنوا صراحة عدم رغبتهم في التجديد له لولاية ثالثة للانضمام إلى تحالفه من أجل تشكيل حكومة أغلبية سياسية. 30 شكوى وقال عضو مجلس المفوضين محسن الموسوي: «حتى يوم الخميس تسلمنا ثلاثين شكوى من أحزاب ومرشحين في الانتخابات». وأضاف إن «المفوضية غير ملزمة بهذه الطعون وليس من واجبها، إنما من واجبات الهيئة القضائية»، مشيرًا إلى أن «دورنا ينحصر في الإجابة على الاستفسارات التي تقدمها الهيئة القضائية لنا والتي قراراتها ملزمة للجميع». وكان المالكي قدم اعتراضًا في انتخابات عام 2010 التي جاء فيها في المركز الثاني بعد خصمه إياد علاوي. وتم على إثر اعتراضه عد الأصوات يدويًا لكن النتيجة لم تتغير. وقال المالكي في خطابه الأسبوعي الأربعاء: إن «نتائج الانتخابات ينبغي أن تقبل بشفافية وروح متسامحة، وألا نسمع الصخب هنا وهناك من أجل التشكيك»، لكنه أضاف إن «نجاح الانتخابات ووجوب الالتزام بنتائجها لا يعني أننا نبخس الناس حقوقهم. فيما لو كانت لهم حقوق أو شكاوى أو طعون». وتابع المالكي «إذا ما ثبت تزوير ينبغي أن يعاد الحق لأهله، وإن كانت الأجواء كلها توحي بشيء من الإيجابية» مؤكدًا أن «النتائج مقبولة وحق الطعن مقبول». لكن الأحزاب المنافسة الشيعية والسنية التي فازت بمقاعد في البرلمان تشكك في هذه النتائج وقدمت طعونًا. وقال رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي وهو أشد خصوم المالكي خلال لقائه بالسفير التركي في بغداد: إن «الانتخابات جرت في ظروف قاهرة تخللتها العديد من المخالفات والخروقات». وأشار النجيفي في بيان «إلى أن العديد من الطعون قدمت أثناء الانتخابات وبعدها». وقدم الائتلاف الذي يتزعمه النجيفي على 23 مقعدًا في البرلمان حصل على نصفها من محافظة نينوى التي ينتمي إليها 23 خرقًا حصل أثناء الانتخابات. من جهته، اعتبر ائتلاف الوطنية الذي يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي أن «تبعية وخضوع أجزاء مهمة من مفوضية الانتخابات لهيمنة أطراف سياسية جهوية نافذة يفقدها بالتأكيد القدرة على الحيادية». وأضاف إن «انحيازها الواضح يخضع النتائج المعلنة لهذا التقدير المنحاز أيضًا مما يمنحنا الحق للمطالبة المشروعة لاستعادة الاستحقاق الوطني والانتخابي». ودعا علاوي «القوى السياسية العراقية إلى الوقوف بحزم وبجدية ضد التزوير الذي حصل واللجوء إلى القضاء لتقديم الشكوى»، وطالب «بإعادة العد والفرز اليدوي ومعاقبة كل من تسبب بالأذى للعملية الديمقراطية والوقوف ضد محاولات الاستئثار بالسلطة». ويواجه المالكي (63 عامًا) معارضة قوية من الأكراد أيضًا في شمال البلاد ومن العرب السنة خصوصًا في غرب البلاد. حلفاء سابقون ولم تأت من اتهامات التلاعب بنتائج الانتخابات من خصوم المالكي، فحسب إنما جاءت هذه المرة من أبرز الأحزاب التي دعمتها في ولايته الأولى والثانية ألا وهو المجلس الأعلى بقيادة عمار الحكيم. وقال المتحدث باسم المجلس الأعلى بليغ أبو كلل: «تم استخدام السلطة والمال العام في الدعاية الانتخابية لكسب الأصوات بشكل مفرط». وأضاف إن «أعداد هائلة من قطع الأراضي وزعت على المواطنين إضافة إلى وعود بتعيينات واسعة من قبل مرشحي أطراف محددة ذات نفوذ بالسلطة وتوزيع أموال طائلة تحت عناوين مختلفة». وأضاف إن «ذلك يعد مخالفة صريحة وكان على المفوضية أن تتخذ الإجراءات القانونية بحق كل تلك الإجراءات المخالفة». وقال: طالبنا المفوضية بتقديم إيضاحات على عدد من النقاط التي قدمناها. وعانى العراق في الفترة التي سبقت الانتخابات الاولى منذ انسحاب القوات الامريكية في نهاية 2011 من أعمال عنف وهجمات ضد مرشحين وتوقعات بانخفاض عدد المشاركة فيها. لكن مع ذلك فإن المجتمع الدولي وعلى رأسهم الأممالمتحدة والولايات المتحدة رحبوا بشدة بنجاح هذه الانتخابات، وأشادوا بوقوف الناخبين العراقيين بوجه التشدد. ويتهم المعارضون المالكي بالتمسك بالسلطة وفرض سيطرته على قوات الأمن، كما يحملونه مسؤولية تدهور الأوضاع الأمنية وعدم تحسين مرافق الحياة في البلاد. موجة العنف وتزامن إجراء الانتخابات الأخيرة مع تصاعد في موجة العنف منذ مطلع العام الماضي، حيث قتل أكثر من 3500 شخص في عموم العراق منذ مطلع العام الحالي، وهو الأمر الذي يهدد بعودة موجة العنف الطائفي التي شهدتها البلاد بين عامي 2006 و 2008. ويلقي المالكي الذي تولى منصب رئاسة الوزراء منذ عام 2006 اللوم على أمور خارجية، مثل الحرب التي تدور في الجارة سوريا، فيما يتعلق بسوء الأوضاع الأمنية في العراق. وأمس قالت مصادر من الشرطة وطبية: إن سيارة ملغومة انفجرت أمام محل لبيع الخمور في مدينة كركوك بشمال العراق ليل السبت مما أدى إلى مقتل 11 شخصًا على الأقل. وأصيب 27 شخصًا آخرين في الهجوم الذي وقع في ضاحية الواسطي وألحق أضرارًا جسيمة بعدد من المحال الأخرى وأحرق عدة سيارات. ويعيش في كركوك التي تقع على بعد 250 كيلو مترًا شمالي بغداد أكراد وعرب وتركمان. وعبَّر ساكن محلي في ضاحية الواسطي عن إحباطه إزاء العنف في العراق. وقال الرجل ويدعى محمد: إن سيارة ملغومة انفجرت السبت فقتلت كثيرين مشيرًا إلى افتقادهم الأمن. وأضاف إن هجومًا يقع كل يوم متسائلًا بشأن الاتجاه الذي يسلكه العراق. وتزايدت معدلات العنف في العراق في 2013 إلى أعلى مستوى لها منذ سنوات. وشهد العام الماضي مقتل زهاء ثمانية آلاف شخص.