وصفت موسكو العقوبات الغربية انها لعب بالنار، وأبدت تحفظات توحي أنها لن تعترف بنتيجة أية انتخابات اوكرانية تعزز السلطات المؤيدة للغرب في كييف، فيما هدد نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن روسيا بتشديد العقوبات ضدها حال تقويضها الانتخابات الرئاسية المقررة في أوكرانيا الأحد المقبل، وقال بايدن في مؤتمر صحافي: إذا قوضت روسيا الانتخابات في اوكرانيا فيجب ان نبقى مصممين على فرض عقوبات إضافية. وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أثناء زيارة للصين امس: إنه سيكون من الصعب بالنسبة لروسيا إقامة علاقات مع زعماء أوكرانيا الذين سيتولون السلطة في وقت يتصاعد فيه التوتر. وفي التفاصيل، انتقد السفير الروسي في ألمانيا، فلاديمير جرينين، العقوبات التي يفرضها الغرب ضد بلاده والنقاش الدائر حول توسيعها. واعتبره جرينين في مؤتمر الاقتصاد الصحي الوطني العاشر في مدينة روستوك الألمانية امس لعبا خطيرا بالنار. وقال جرينين: إن روسيا مجبرة على اتخاذ إجراءات وقائية ومضادة، موضحا في المقابل أن هذا لا يعني أن روسيا تتعامل بمبدأ "العين بالعين". وذكر جرينين أن بلاده تعول على تعقل شركائها في الغرب. وتجدر الإشارة إلى أن روسيا ضيف شرف مؤتمر الاقتصاد الصحي الوطني، الذي يعد الأكبر من نوعه على مستوى ألمانيا. من جهته، دعا الاتحاد الاوروبي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين امس الى احترام "تعهده" بالاستمرار في نقل "امدادات" الغاز الى اوروبا، فيما هددت موسكو بقطع الامدادات عن اوكرانيا في الثالث من يونيو. وكتب رئيس المفوضية الاوروبية جوزيه مانويل باروزو في رسالة الى بوتين "طالما استمرت المحادثات الثلاثية" بين روسياواوكرانيا والاتحاد الاوروبي، "يفترض الا تتوقف امدادات الغاز، اني اعول على روسيا الاتحادية للتمسك بهذا التعهد". لا انسحاب روسي وقال وزير الجيش الامريكي جون مكيو امس: إن الولاياتالمتحدة رصدت بعض التحركات للقوات الروسية قرب الحدود الاوكرانية، لكن لا توجد بوادر لانسحاب واسع النطاق. وقال مكيو في مؤتمر صحفي خلال زيارة لاستونيا: "ما نعلمه حتى الان هو وجود بعض التحركات للقوات لكنني لم أتلق تأكيدا لا من مصادر البنتاجون (وزارة الدفاع) ولا من مصادر حلف شمال الاطلسي عن حدوث اعادة شاملة لتمركز تلك القوات بعيدا عن الحدود". الانتخابات من جهته، قال نيكولاي بيتروف الاستاذ في المدرسة العليا للاقتصاد في موسكو: إن روسيا لن تعترف بالانتخابات الاوكرانية، مضيفا: إن "روسيا لن ترضى الا بنوع من السيطرة على اوكرانيا بالكامل او على شرقها". وكان الكرملين رفض اساسا الانتخابات الرئاسية المبكرة التي اعلنت اوكرانيا عن تنظيمها بعد اقالة الرئيس الموالي لموسكو فيكتور يانوكوفيتش اثر حركة احتجاجية استمرت ثلاثة اشهر للمطالبة بالتقرب من الغرب وانتهت بحمام دم في كييف. وبعد ضم شبه جزيرة القرم الى روسيا في مارس، سيطر المتمردون الموالون لروسيا على بعض مناطق شرق اوكرانيا، ما حمل كييف على شن عملية عسكرية سعيا لاستعادة السيطرة في هذه المناطق، وردا على ذلك شككت موسكو في شرعية انتخابات تجري "على وقع دوي المدافع". واذ ابقى بوتين على تحفظاته بدون ان يقول ما اذا كان سيعترف بنتيجة الانتخابات، تبنى مؤخرا لهجة اكثر مهادنة مقرا ان الانتخابات قد تسير "في الاتجاه الصحيح". وفسر الخبراء هذا الكلام بأنه تغيير في اللهجة ضمن تكتيك يهدف بصورة خاصة لتفادي فرض عقوبات غربية جديدة على روسيا قد لا تقتصر على بعض كبار المسؤولين، بل من المحتمل ان تستهدف قطاعات من الاقتصاد الروسي. وقالت ماريا ليبمان المحللة في مركز كارنيغي في موسكو: "هناك شعور ان اوروبا لا تود فرض عقوبات اشد على روسيا وبوتين اراد اعطاء حجة للذين يعارضون العقوبات" مضيفة: "هذا لا يعني ان روسيا تدعم الانتخابات في اوكرانيا... انه تنازل لكنه لا يحدث فرقا يذكر". ويرى المحللون ان التكتيك الروسي يقضي ايضا بالسماح للمتمردين المدججين بالسلاح باحكام سيطرتهم على المناطق الصناعية في شرق اوكرانيا. وتعتبر روسيا ان الغربيين يقفون خلف اقالة يانوكوفيتش، وهي تعمل الان برأي ماريا ليبمان على زعزعة الاستقرار في شرق البلاد لتجعل من المتعذر على الحكومة المؤيدة للغرب ان تحكم اوكرانيا. واضافت المحللة: إن "هدف روسيا هو على المدى البعيد" وهو يقضي ب"تنصيب حكومة يمكنها السيطرة عليها". اما على المدى القريب، فبوسع بوتين بعد انجاز ضم القرم الى روسيا التريث تجاه باقي اوكرانيا، بحسب الخبراء. من جهة اخرى، يريد الكرملين ان يجعل من اوكرانيا عبرة لباقي الجمهوريات السوفيتية السابقة التي قد تسعى للتقرب من الغرب، تماما مثلما كانت الحرب على جورجيا عام 2008 ردا على مساعيها للانضمام الى الحلف الاطلسي. وترى مجموعة الازمات الدولية التي يوجد مقرها في بروكسل ان فلاديمير بوتين -الذي يرى ان من مسؤوليته التصدي لما يعتبره هيمنة غربية وانحطاطا اخلاقيا في اوروبا- "مصمم بحزم" على مواصلة استراتيجيته في اوكرانيا، حتى لو "رأى الاوكرانيون على مدى جيل على الاقل في موسكو جارا قويا وخطيرا وليس صديقا او حليفا". طراد أمريكي وأعلن المتحدث باسم البنتاغون ان الولاياتالمتحدة سترسل طرادا قاذفا للصواريخ الى البحر الاسود، سعيا الى طمأنة حلفائها في شرق اوروبا الاعضاء في الحلف الاطلسي مع استمرار الازمة الاوكرانية. وقال الاميرال جون كيربي: إن "الطراد فيلا غالف التابع للقوات البحرية سيبحر الى البحر الاسود في وقت لاحق هذا الاسبوع على الارجح". ومنذ بداية الازمة في القرم، أرسلت واشنطن سفنا عدة الى البحر الاسود من اجل تدريبات مع القوات البحرية التابعة لحلفائها، لكن البنتاغون ملزم دوريا بسحب قطعه الحربية من هذا البحر المغلق عبر مضيق البوسفور تنفيذا لاتفاق مونترو في 1936 الذي يحظر على السفن العسكرية للدول غير المطلة على البحر الاسود ان تبقى فيه اكثر من 21 يوما. وكانت الفرقاطة "يو اس اس تايلور" التي حلت محل المدمرة "دونالد كوك" في البحر الاسود غادرته في 12 الجاري. واكد الاميرال كيربي ان بقاء هذه القوات في شرق اوروبا والبحر الاسود مرشح للاستمرار، مضيفا: "نحن عازمون بوضوح على إبقاء وجود دوري حتى نهاية العام (...) ويمكنني القول ان هذا الامر يشمل وجودا بحريا في البحر الاسود". لا طموحات جيوسياسية وفي السياق، قال رئيس المجلس الأوروبي هيرمان فان رومبوي: إن الاتحاد الأوروبي لا يسعى إلى توسيع نفوذه في أوكرانيا. وقال رومبوي في تصريحات لصحيفة "راينيشه بوست" الألمانية الصادرة امس الأربعاء: "قلت بوضوح للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن الاتحاد الأوروبي ليس لديه أي طموحات جيوسياسية". وأضاف رومبوي: "هدفنا مختلف تماما عن بوتين، ليس هناك خيار إما هذا أو هذا إما الشرق أو الغرب". وأكد رومبوي أنه من مصلحة الاتحاد الأوروبي أن يكون لدول مثل أوكرانيا علاقات جيدة مع روسيا، وقال: "لكن لا ينبغي لموسكو منع هذه الدول من تعميق علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي في الوقت نفسه".