أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين زوير الدفاع سيرغي شويغو بسحب القوات المشاركة في المناورات العسكرية بالقرب من الحدود الروسية الأوكرانية إلى أماكن مرابطتها الدائمة. وقال بيان للكرملين: إنه نظراً لانتهاء المرحلة الربيعية المخطط لها من تدريب القوات التي شملت إعادة الانتشار وجرت في مقاطعات روستوف وبيلغورود وبريانسك، أوعز الرئيس الروسي بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، لوزير الدفاع سيرغي شويغو بإعادة القوات المشاركة في التدريبات الى أماكن المرابطة الدائمة ومواصلة تدريبها القتالي في الميادين القريبة. ورحب الرئيس الروسي بالاتصال الأول بين كييف وأنصار الاتحاد في شرق أوكرانيا من أجل بدء حوار مباشر تشارك فيه جميع الأطراف المعنية. وجاء في بيان للكرملين: «تدعو روسيا إلى إيقاف العملية القمعية (لسلطات أوكرانيا) وأعمال العنف فوراً، وسحب القوات، وحل جميع القضايا المتراكمة بالطرق السلمية فقط». وبحث بوتين مع أعضاء مجلس الأمن الروسي الوضع في أوكرانيا. وقال دميتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين: إن الاجتماع الذي عقد في مدينة سوتشي ركز على الوضع في أوكرانيا التي تشهد في الأيام الأخيرة زيادة حدة التوتر على خلفية استمرار العملية القمعية باستخدام القوات الأوكرانية النظامية. ونقلت تلفزة «روسيا اليوم» عن مسؤولين قولهم: إن «قوات الدفاع الشعبي» (الموالية لموسكو) في مدينة سلافيانسك بشرق أوكرانيا اعتقلت عددا من «المرتزقة» بينهم اثنان من عناصر الاستخبارات المركزية الأمريكية («سي آي ايه»)، في حين قتل أحد عناصر قوات الأمن الأوكرانية وأصيب ثلاثة آخرون بعد تعرضهم لقصف بالهاون من قبل مسلحين قرب سلافيانسك. وكانت قوات الدفاع الشعبي قد ذكرت أنها تمكنت من الحفاظ على حواجز في ضواحي سلافيانسك بعد محاولة قوات الأمن الأوكرانية فرض سيطرتها عليها. وفي مدينة كراماتورسك تمكنت قوات الدفاع الشعبي من السيطرة على اثنين من الحواجز والتصدي لهجوم الحرس الوطني الأوكراني استمر حتى صباح الاثنين. وفي مدينة لوغانسك تعرضت إحدى محطات توزيع الكهرباء لهجوم من قبل مسلحين، مما أدى إلى قطع التيار الكهربائي من مصنع الحديد ووقف عمله. يذكر أن مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك أعلنتا استقلالهما عن أوكرانيا وإقامة جمهوريتين شعبيتين بعد إجراء استفتاء عام بهذا الشأن في المقاطعتين بشرق أوكرانيا في 11 مايو/أيار. من جهته وصف وزير الخارجية الروسي ديمتري لافروف دعوة الحوار في أوكرانيا بأنها «خطوة في الاتجاه الصحيح». وقال: إن إجراء حوار «الطاولات المستديرة» التي بدأت تعقد في كييف مؤخراً، تنفيذاً لخريطة الطريق لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا يحتاج ل «توسيع المشاركة» ليشمل «ممثلي جنوب شرق أوكرانيا». وقال لافروف في مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية السلوفاكي ميروسلاف لايتشاك في موسكو: «نرى العملية التي بدأت بما يطلق عليه «الطاولات المستديرة»، وقد دعي الى المشاركة فيها بعض ممثلي جنوب شرق البلاد، وليس جميعهم». وتابع: إن كييف لا تريد بعد أن تستمع الى هؤلاء، لكن موسكو ترحب بحضور أشخاص يدعون علنا الى اتحاد (فدرلة) أوكرانيا في هذه الطاولات. وقال: «يجب توسيع قائمة المشاركين، كي يكون للأشخاص الذين يدافعون عن مصالح مدنهم وبلداتهم في الجنوب الشرقي والذين لا يريدون الخضوع للراديكاليين، تمثيل في المراحل اللاحقة من هذا الحوار الوطني». وشدد لافروف على أن الحوار الوطني في أوكرانيا يجب أن يكون شاملا ومرتبطا ارتباطا وثيقا بالإصلاح الدستوري. واعتبر أن إعداد الإصلاح الدستوري في أوكرانيا يجري بشكل غير شفاف، مشيرا إلى استغرابه من عدم توافر أية معلومات بشأن التغييرات المقترحة بعد تشكيل لجنة خاصة في البرلمان الأوكراني. وأضاف أنه إذا أرادت كييف استخدام «طاولات مستديرة» عقدت مؤخرا كستار لإجراء الإصلاح الدستوري بصورة غير شفافة فإن ذلك لن يحظى بثقة جنوب شرق أوكرانيا على الأرجح. ووصف لافروف العملية العسكرية التي تجريها سلطات كييف في شرق أوكرانيا بأنها «باتت تتحول الى حملة إرهاب» لسكان البلاد، ولا تساعد في توفير الظروف اللازمة لبدء حوار وطني. وشدد الوزير الروسي على ضرورة تطبيق «خريطة الطريق» التي أعدتها سويسرا بصفتها الرئيس الحالي لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا. وأردف قائلا: «لا تساعد العملية القمعية واستخدام الجيش ضد السكان في توفير الظروف لبدء حوار وطني حقيقي في أوكرانيا من أجل الاتفاق بشأن المصالحة الوطنية وإصلاح دستوري يقبله الجميع. ولذلك نصرّ على أن تكون الخطوة الأولى غير المشروطة هي إيقاف ما يطلق عليه «عملية مكافحة الإرهاب» التي باتت تتحول الى حملة لإرهاب مواطني أوكرانيا بسبب معتقداتهم السياسية». وشدد لافروف على أن ذلك سيتناسب تماما مع بيان جنيف الصادر في 17 أبريل/نيسان ومع «خريطة الطريق» لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا. ودعا أعضاء بعثة المنظمة الموجودين في مناطق العمليات القتالية إبداء المبادرة للعب دور الوساطة بين الطرفين من أجل الاتفاق حول تسلسل الخطوات الرامية الى نزع فتيل التوتر. لافروف يطالب بالإفراج الفوري عن الصحفيين الروسيين المحتجزين في أوكرانيا كما انتقد لافروف مجددا المضايقات التي يتعرض لها الصحفيون من قبل الجيش والمتطرفين في أوكرانيا. وأكد لافروف أن موسكو تصرّ على إجراء تحقيق دولي شفاف في المذبحة التي وقعت 2 مايو/أيار الجاري في أوديسا، شرقي أوكرانيا، عندما قتل العشرات من أنصار الاتحاد (الفدرلة) في اشتباكات مع موالين لكييف وفي حريق اندلع بمبنى النقابات الذي لجأ أنصار الفيدرالية إليه بعد الهجوم على مخيم احتجاجهم. وتابع أن موسكو تشعر بالاستياء من محاولات التستر على الحقيقة في مأساة أوديسا، مؤكدا أنها غير راضية عن التحقيق الذي يجريه مجلس الرادا (البرلمان الأوكراني). وقال: «لا يمكننا طبعا أن نأخذ على عاتقنا دور المدعي والقاضي، لكننا نريد أن تتم دراسة كافة الوقائع التي باتت معروفة حاليا». وأشار الوزير بهذا الخصوص الى الأنباء عن وصول نحو ألف مقاتل الى أوديسا عشية الأحداث المأساوية، بينهم «مرتزقة» من دول أخرى، وعن مصرع بعض الضحايا ليس نتيجة التسمم بأول أكسيد الكربون، بل بسبب مادة كيميائية سامة أخرى وبالرصاص، وعن قتل المصابين، ومنع الناس من الخروج من المبنى المشتعل. من جهته، قال وزير الخارجية السلوفاكي: إن تسوية الوضع في أوكرانيا غير ممكنة بدون مساهمة روسيا مؤكدا أن بلاده المجاورة لأوكرانيا معنية بتحقيق استقرار الوضع في هذا البلد. ودعا لايتشاك إلى حل الأزمة الأوكرانية سياسيا وكذلك التحقيق في كافة أحداث العنف ومعاقبة المسؤولين عن ارتكابها.