تستأنف القوى العظمى وإيران في فيينا محادثاتهما النووية في مناخ ارتياح لتحقيق خطوات اولى، لكنهما يدركان ايضا ان حوارهما يدخل مرحلة جديدة بالغة الدقة والحساسية، حيث يكمن «الشيطان في التفاصيل». فالهدف بعد عشر سنوات من التوترات الخطرة هو ان تعطي ايران ضمانة دائمة لبقية العالم بشأن الطابع السلمي البحت لبرنامجها النووي، لتحصل مقابل ذلك على رفع العقوبات الدولية التي تخنق اقتصادها. وقد أفضت جولات التفاوض الثلاث الاولى في العاصمة النمساوية الى حل جزء من النقاط الخلافية. وستبدأ مجموعة الدول الكبرى المعروفة ب«5+1» (ألمانيا، الصين، الولاياتالمتحدة، فرنسا، بريطانياوروسيا) الآن مع الجمهورية الاسلامية الايرانية في صياغة اتفاق نهائي، إلا ان الصعوبة تكمن في التفاصيل. ولفت وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف الى «ان الجزء الصعب» قد بدأ فعلا وان الاتفاق المنشود قد يجهض حتى في حال غياب التوافق حول فقط «2% من المواضيع المطروحة للبحث». وستبدأ المفاوضات الفعلية صباح اليوم الاربعاء لتتواصل حتى يوم الجمعة. وخلافا للجلسات السابقة سيتولى ظريف واشتون عقد غالبية الاجتماعات كما أعلن نائب وزير الخارجية الايراني عباس عراقجي. ويمكن ان يرتكز الحوار الى نجاحات اولى مثل مسألة مفاعل اراك للمياه الثقيلة الذي يبدو في مساره للحل. فهذه المنشأة الواقعة على بعد 240 كلم الى جنوب غرب طهران قد توفر لإيران نظريا مادة البلوتونيوم التي يمكن ان تكون بديلا من اجل صنع قنبلة ذرية. وتؤكد طهران ان هذا المفاعل بقوة 40 ميجاوات الذي خضع بناؤه لمراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية ليس له هدف سوى اجراء الابحاث خاصة الطبية. لكن امام تشكيك القوى العظمى اقترحت ايران تغيير مهمة المفاعل بغية الحد من البلوتونيوم الذي سينتج. وصرح نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف لدى وصوله الى فيينا «ان اراك والشفافية اصبحا اكثر نضجا من كل النقاط الاخرى المطروحة على جدول الاعمال، في منظور امكان التوصل الى نتيجة اولية الجمعة». و«الشفافية» تعني برأي ريابكوف الذي أوردت تصريحه اذاعة صوت روسيا القدرة الدولية على مواصلة مراقبة الانشطة النووية الايرانية. ولاحظ الخبراء التقنيون في الوكالة الدولية للطاقة الذرية شهرا بعد شهر ان طهران تحترم بدقة التعهدات التي قطعتها في الخريف الماضي اثناء مؤتمر جنيف الذي وضع حدا لعقد من المواجهة وسمح باطلاق المحادثات الحالية. وفي 17 نيسان/ابريل أكدت الوكالة المتخصصة التابعة للامم المتحدة ان ايران خفضت 75 % من مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 %. وأحد أكثر المواضيع دقة المطروحة على البحث الآن يتعلق بقدرة تخصيب اليورانيوم التي ستحتفظ بها ايران بعد التوصل الى اتفاق محتمل. وسيعمد الاطراف خصوصا الى حساب عدد اجهزة الطرد المركزي من الجيل الجديد التي يمكن ان تستمر البلاد في استخدامها. وهذا العنصر هو الذي يحدد اكثر من غيره الوقت الذي تحتاجه ايران لجمع ما يكفي من المواد النووية لصنع قنبلة ذرية. وأقر وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس في واشنطن الاثنين بان «المفاوضات حول التخصيب ستكون صعبة». وفي ما يتعلق بنهج فرنسا التي اعتبرت العضو الاكثر تشددا حيال ايران في مجموعة 5+1 عند بدء المفاوضات، قال فابيوس ان «موقفا متشددا فقط سيسمح بالتحقق من ان اهداف البرنامج سلمية بحتة». وما يثير قلق القوى العظمى ايضا هو اعمال طهران حول الصواريخ البالستية التي قد تكون قادرة على حمل شحنات نووية. وكرر مرشد الجمهورية الايرانية علي خامنئي الاحد ان ايران لن تحد من هذا البرنامج. وأمام المفاوضين مبدئيا حتى 20 تموز/يوليو للتوصل الى اتفاق. لكن المحادثات قد يتم تمديدها بتوافق الاطراف.