من مميزات القادة الكبار على مر التاريخ هو قدرتهم على تفهم حاجات شعوبهم وقدرتهم على التقاط الظروف لصناعة تاريخ بلدهم بما يتلاءم مع تحديات الواقع وهو ما فعله خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حين تسلم زمام الحكم واستجاب من لحظتها لواقع بلده وشعبه وقدم استراتيجيته الطموحة في التنمية والإصلاح مقدما أنموذجا مميزا للقائد والزعيم الذي لا يقر له حال إلا من خلال صيانة المنجزات التي تحققت وقيادة التحول المطلوب نحو دولة المؤسسات في ظرف دقيق وحساس في تاريخ المملكة. تغيرت أحوال كثيرة خلال ست سنوات من حكمه الرشيد قطعت فيها المملكة مسافات بعيدة نحو المستقبل والذي نراه ونلمسه بعيوننا وقلوبنا حيث الركائز الأساسية تم استكمالها وتم البناء والإضافة بما يتناسب مع ملامح الوطن وخصوصيته دون التفات إلى الحاسدين والأعداء ومن يراهن على فشل تجربة التحول التاريخية التي قادنا فيها خادم الحرمين الشريفين مستلهما الروح الوثابة في صدر مليك اجتمع على حبه الجميع. المملكة بوضعها الراهن تمثل الدولة العصرية المقتدرة الشابة الفتية التي يتقاطع حولها المعجبون ويستلهمون تجربتها السياسية والاقتصادية والبشرية. أدار الملك عبدالله ملفات شائكة ونجح باقتدار ولعل أول الملفات هو مكافحة الإرهاب الذي عصف بالعالم حيث تمكن من القضاء عليه بعد أن ضرب في عمق الوطن وقتل الأبرياء حيث قدم استراتيجية متكاملة في مكافحة الإرهاب لم تكتف بالجانب الأمني إنما تعدته إلى استيعاب العناصر المضللة وتجفيف المنابع الفكرية التي تغذي الظاهرة والتعامل بأبوة حانية مع من عاد عن الفكر الضال. وفي مجال التنمية والاهتمام بالمواطن السعودي والنهوض بالفئات الأكثر احتياجا في المجتمع فقد قدم لهم الكثير من خلال نشر مظلة الرفاهية من ضمان اجتماعي وبرامج إسكان وصناديق للتسليف وأعطى الأرامل والفقراء ما يمنحهم الحياة الكريمة الآمنة والمستقرة. نقلة نوعية حدثت في حياة المواطن السعودي بعد أن عصفت الأزمات المالية والاقتصادية بالعالم وهو ما أحدث استقرارا في بنية المجتمع السعودي. إن قائدا كبيرا مثل الملك عبدالله في تجربته الثرية لهو بحق قائد تاريخي في عهده الميمون استقامت أركان التنمية واستقامت أركان الإصلاح السياسي والتشريعي والتعليمي والقضائي وانحلت عقد كثيرة بفضل حنكته وأناته وحلمه وعزيمته القوية التي لا تلين مهما كانت الصعاب. من الطبعي أن يبادل الشعب السعودي هذه الإنجازات الرائدة بالحب الكبير والإصغاء لتوجيهاته وكلماته والتفاعل مع استرشاداته والاستجابة إلى ما يطرحه من رؤى وأفكار. شعب يطوق مليكه بالحب والولاء ويحمل صورته في قلبه ويهتدي بكلماته التي تمثل نهجا متميزا في التلاحم بين القيادة والشعب بما يعطي المملكة وحكمها الرشيد صفة الديمومة والتجدد وهو ما يجب عليه أن تكون علاقة القادة بشعوبهم. إنه الدرس الأكثر جدارة الذي يجب أن تنتبه إليه الأنظمة العربية في علاقتها مع شعوبها خصوصا في هذه المرحلة الدقيقة والحاسمة.