أمسك عبدالله الشامي بورقة صغيرة، بين يديه، سجلت فيها زوجته شروط ومواصفات الطفل، الذي قررا تبينه من دار الحضانة بالدمام، ليعوضهما سنوات حرما فيها من إنجاب الأطفال، تضمنت الشروط، التي استمع لها مسؤول الدار، أن يكون الطفل «أبيض» البشرة، «وسيم»، ذو شعر أصفر، ويفضل أن تكون عيناه زرقاوين، ويا حبذا لو كان بشوش الوجه، مبتسم دائماً، هادئ الطباع.. ابتسم مسؤول الدار، قبل أن يعتذر للشامي لعدم تلبية رغبته، وعندما استفسر الأخير عن السبب، جاءه الرد من المسؤول بأن هذه الورقة وما كُتب فيها هي السبب.. مبنى دار الحضانة الاجتماعية التابع لوزارة الشؤون الاجتماعية أوقفت وزارة الشؤون الاجتماعية بالدمام، مشروع تبني الأطفال، بعض الوقت، لإعادة النظر في شروطه، ومتطلباته، بعد مشكلات طرأت عليه، أرجعها مسؤولون في الوزارة، إلى الشروط التي تحددها بعض الأسر في شكل ومواصفات الطفل الذي تريد تبنيه. ويقول فهد المهاشير «تبنيت طفلاً من دار الحضانة بالدمام منذ كان في الشهر العاشر من عمره، وذلك لحبي وتعلقي بالأطفال الذكور»، مضيفاً: «بالرغم من أن لدي بنتاً، إلا أن ذلك لم يمنعني من تبني هذا الطفل يتيم الأبوين، الذي لا يزال يعيش معي، له كل الحقوق التي لابنتي، وقد بلغ عمره الآن السادسة من عمره». ويضيف المهاشير»لم يخطر ببالي أي اعتبارات أخرى، تتعلق بمواصفات هذا الطفل، عند تبنيه، سواء لون البشرة أو الشعر أو غير ذلك من الشروط التي يحرص عليها الكثيرون من الأسر التي ترغب في تبني أطفال أيتام»، مؤكداً «كان هدفي الوحيد، هو كسب الأجر والثواب من الله على ما أقوم به تجاه هذا اليتيم». القدرة المالية وبين المهاشير أن «دار الحضانة للأيتام وضعت شروطاً معينة، لابد أن تتوافر من كل أسرة، ترغب في تبني أطفال». وقال: «من هذه الشروط، ضرورة خلو جميع أفرادها من الأمراض، كما يجب أن تكون لديها القدرة المالية على تحمل تكاليف تربية الطفل، يضاف إلى ذلك ضرورة أن يكون رب الأسرة متزوجاً، والأهم من ذلك أن تشبه الملامح الشكلية لأفراد الأسرة، الطفل التي يرغبون في تبنيه». نخص بالمنح المواطن الذي يرغب في تبني أي رضيع من الأيتام، أو من مجهولي النسب، ليقوم على تربيته، ولكن وفق شروط وأنظمة محددة، تحددها الوزارة البشرة البيضاء وعلى العكس من سلوك المهاشير، يشير ولي أمر (تحتفظ الجريدة باسمه) إلى أن لديه ثلاثة أيتام، ولدان وبنت بالتبني، ويوضح «لا يمكن أن تختار الطفل التي ترغب في تبنيه، خاصة فيما يتعلق بلون البشرة، والمواصفات الأخرى»، مضيفاً «الكثير من الأسر التي تتقدم إلى دار الحضانة، تفضل الطفل صاحب البشرة البيضاء على السمراء، حتى لو كان أفراد الأسرة لا يملكون هم هذه الميزة»، موضحاً «منعت الحضانة فرض أي شروط، بسبب حدوث بعض المشاكل التي قد تؤثر على الأيتام». وبين في حديثه أنه «عندما تقدمت للدار، رغبة في تبني طفل، وضعت في اعتباري أن يكون الطفل ذا ملامح جذابة، من أجل التفاخر به، خاصة أنني سأعتبره أحد أبنائي، وفضلت أن يكون لون بشرته بيضاء أو قريبة منها، كي يكون قريباً من ملامح أسرتي». التشابك بالأيدي وأضاف سعود خ. (ولي أمر طفل بالتبني) إن «الأيتام الرضع الذين لديهم بشرة سمراء، ليس عليهم طلب من قبل الأسر التي ترغب في التبني، لاعتبارات عدة، ولهذا السبب سمعنا الكثير من المشاكل التي تقع بين الأيتام ممن مازالوا يعيشون في مراكز الرعاية الاجتماعية، آخرها الخلاف الذي وقع بين أحد الأيتام، من أصحاب البشرة البيضاء، مع آخر ذو بشرة سمراء، امتد إلى التشابك بالأيدي، ما نتج عنه كدمات وجروح فيما بينهما»، مؤكداً أن «السبب الأكبر في هذا الخلاف، الغيرة التي تولدت في نفس اليتم ذا البشرة السمراء، وإحساسه أنه غير مرغوب فيه، بعكس اليتيم الآخر الذي شعر بالفخر، لأنه ذات بشرة سمراء». وبين سعود أن «وزارة الشئون الاجتماعية، لا تسمح، لأي أسرة، تقرر رعاية أو تبني يتيم، بتغيير اسمه، الذي سمته به دار الحضانة، من باب تثبيت بيانات اليتيم، وعدم تغييرها».
العوض : نرفض أي طلبات تتعارض شروطها ولوائح الوزارة ذكر المتحدث الإعلامي باسم وزارة الشئون الاجتماعية محمد العوض أن «الوزارة لا تمانع في منح أيتام، للأسر السعودية، المحرومة من نعمة الأطفال»، وقال : «نخص بالمنح المواطن الذي يرغب في تبني أي رضيع من الأيتام، أو من مجهولي النسب، ليقوم على تربيته، لكن وفق شروط وأنظمة محددة، تحددها الوزارة». وبين العوض أهم هذه الشروط ب «أن تكون الاسرة صالحة، ولديها القدرة المالية والاجتماعية على رعاية هذا اليتيم، والخضوع للكشف الطبي، من أجل التأكد من خلو أفرادها من الأمراض، كذلك يجب أن يتطابق لون بشرة الأسرة مع بشرة الطفل، سواء كانت بشرة بيضاء أو سمراء». وبين العوض أن «الوزارة عندما قامت بوضع هذا الشرط، خاصة فيما يتعلق بتطابق لون بشرة الأسرة مع الطفل، كان القصد منه مراعاة شعور اليتيم، عندما يبلغ سن الإدراك، حتى لا يصاب بحالة نفسية سيئة، قد تؤثر على حياته مستقبلاً»، موضحاً «الهدف من مشروع تبني الأطفال الرضع، هو دمجهم مع أفراد المجتمع، والعيش معهم في راحة واطمئنان، بعيداً عن كل ما يعكر صفو الحياة». وذكر العوض أن «هناك قوائم انتظار من الأسر التي ترغب في تبني الأطفال الرضع، الذين يعيشون في دور الحضانة»، مبيناً أن «كل هذه الأسر الساعية حددت في اختيارها، بعض المواصفات التي يحملها الطفل، تختص بأوصافه الشخصية، ودرجة وسامته، التي قد تتعارض مع رغبات الوزارة وشروطها، خاصة فيما يخص الأطفال ذات البشرة البيضاء الذين يكثر عليهم الطلب». وأوضح العوض أن «الوزارة لا يمكنها أن تسمح للأسر التي قامت برعاية الطفل بالتبني، بأن ينسب الطفل إليها، من خلال تغيير اسمه، وإضافة اسم الأب أو العائلة له»، مؤكداً أن «منع الطفل في أن ينسب للأب الذي قام بتربيته، ليس فيه نقص في حق اليتيم، لكن تنفيذاً لتعليمات الدين الإسلامي والشريعة الإسلامية السمحاء، التي أوصت بأن الطفل يجب أن ينسب لأبوية الحقيقيين، وليس لمن قاما بتربيته أو تبنيه، وبالتالي لا يمكننا أن نخالف الشرع الحنيف، لذا يبقي الطفل يحمل الاسم الذي تمت تسميته به، عندما كان في دار الحضانة، ويجب على الأسرة أن تخبره بحقيقة أمره، عندما يبلغ سن السادسة من عمره». وذكر العوض أن «الوزارة تقوم بصرف مكافأة مالية للأمهات اللائي يرضعن الأيتام في دار الحضانة رضاعة طبيعية، سواء التي داخل الدار أو التي تتبنى لها طفلا، من أجل تشجيعهن على فعل الخير».