قال مايكل ماكفول سفير الولاياتالمتحدة السابق لدى روسيا: إن الخطوة التي قام بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بضم القرم إلى بلاده وضع نهاية متهورة لحقبة ما بعد الحرب الباردة، ووضع روسيا على مسار تصادمي مع الغرب وبقية دول العالم. وأضاف ماكفول الذي ترك منصبه الدبلوماسي في موسكو الشهر الماضي في تصريحات للصحفيين في مؤتمر نظمه عن طريق الهاتف الاثنين مجلس العلاقات الخارجية، وهو مركز للأبحاث الاستراتيجية مقره واشنطن قائلًا: «من وجهة نظري هذه فترة جديدة تتطلب استراتيجية جديدة، ولا أدري ما إذا كان الغرب سيتبنى مثل هذه الاستراتيجية». واستطرد: «لقد أوضح بوتين أنه لا يهتم بما يفكر فيه الغرب، فهو لا يبالي بقضية دمج بلاده مع العالم الغربي، كما أنه مستعد لدفع تكلفة الذهاب في اتجاه مختلف». وحذر ماكفول من أنه إذا تحركت روسيا صوب شرق أوكرانيا بآلاف الجنود المرابطين على الحدود، فسيواجه بوتين «مقاومة» و«حرب عصابات تستمر لأشهر إن لم تكن لسنوات». وقال: إنه يشعر بالتوتر حقيقة إزاء فكرة ما إذا كان بوتين سيتوقف عند القرم. وأعرب الدبلوماسي السابق عن اعتقاده بأنه لا يرى أن الأزمة الحالية «حتمية». وأشار إلى أن الأزمة هي «نتيجة ظروف قصيرة المدى ورد فعل بوتين بشكل خاص إزائها»، مؤكدًا أنها «ليست جزءًا من استراتيجية تم إعدادها في موسكو منذ وقت طويل» لمواجهة الغرب. وقال إن: «الحماسة الوطنية» في روسيا أصبحت الآن «متقدة ولا تشبه أي حالة سبق أن رأيتها من قبل». ورفض ماكفول الآراء التي ترى أن سياسات الرئيس الأمريكي باراك أوباما مثل توجهه إلى آسيا ورفضه تورط الولاياتالمتحدة في الصراع السوري وغيره من الصراعات، إلى جانب سحبه للقوات الأمريكية من العراق وأفغانستان قد تركت فراغًا لتملؤه روسيا. وأوضح الدبلوماسي الأمريكي السابق أنه على الرغم من الجهود التي بذلها الغرب على مدى عقدين لدمج روسيا من خلال منحها العضوية في مجموعة الدول الصناعية الثماني الكبرى إلى جانب ضمها إلى عدد من المؤسسات الدولية، إلا أن شيئًا بات واضحًا منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، وهو أنه «عندما يتعلق الأمر بردع العدوان الروسي في أوروبا الشرقية فإن السجل الأمريكي يبدو ضئيلًا للغاية». وأعرب ماكفول عن اعتقاده بأنه مع ذلك لا يزال من المهم استمرار التهديد بفرض العقوبات الأمريكية الموسعة على قطاعات اقتصادية كاملة في روسيا في حالة غزو موسكو شرقي أوكرانيا، وفي نفس الوقت اعترف الدبلوماسي الأمريكي السابق بأنه حتى في حالة تنفيذ هذه العقوبات، فإنه يستلزم مرور عدة أعوام كي تؤثر على الاقتصاد الروسي. وثمة مسألة أكثر أهمية وهي الالتزام بدعم أوكرانيا، وهو ما يتطلب جهدًا يجب أن يقاس ليس بمجرد تقديم حزمة مساعدات لمدة عام واحد، ولكن عن طريق مشروع يستغرق 20 عامًا على غرار مشروع مارشال الأمريكي الذي ساندت واشنطن عن طريقه أوروبا الغربية عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية. وقال ماكفول: «إذا تفككت أوكرانيا، أو إذا لم تؤسس للحكم الرشيد، أو قامت بتهميش القوى السياسية غير الديمقراطية التي لا تزال موجودة داخل أوكرانيا، فسيكون ذلك بمثابة كارثة بالنسبة لأوروبا والولاياتالمتحدة». وأضاف إن الغرب إلى جانب هذه الخطوط يمكن أن يفعل المزيد من أجل أن يساعد روسيا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي لكي «تخفف من الألم الناتج عن كساد اقتصادي صعب بشكل لا يمكن تخيله عانت منه روسيا في تسعينيات القرن الماضي»، الأمر الذي أضفى اسمًا سيئًا على الديمقراطية والرأسمالية أو على أي شيء مرتبط بالغرب.