المشهد في الاتحاد حرب من داخل أسوار النادي، أشبه بالحرب الباردة، والفصل لمن يرفع الراية البيضاء أولا، وحتى تأتي تلك اللحظة، تكون النار المستعرة من خلف الكواليس قد حرقت الأخضر واليابس في الكيان (الثمانيني) الذي لم يقدر بعض أبنائه تاريخه وعراقته وشعبيته، وساروا في درب آخره ندم، ولكن التاريخ لن يسامحهم، وجماهيرهم لا تنسى ذاكرتها من تلاعب بأعصابها، وأدخل في قلوبها الحرقة، وهي صامدة في المدرجات، تعزف الناي الحزين. الاتحاد دخل في تحديات كبيرة، هي أشبه بالحرب الإعلامية والجماهيرية، لكنها مع أطراف خارجية، بمعنى مواجهة لأندية كبيرة أخرى، ورغم شراسة تلك المواجهات، إلا أن الاتحاد لم يتمزق، لأن الداخل في هذا الكيان كان متماسكا، أما المشهد الحالي، فالحرب هي من الداخل، والدمار من الداخل، والاستنزاف من الداخل، والخلافات كلها «داخلية». الفرق بين المواجهة الخارجية والداخلية للعميد، أن الأولى ورغم أخطائها وفظاعتها، إلا أنها تجمع القلوب حولها، بالوسائل المتعددة، والتي من أهمها دغدغة مشاعر الجماهير، أو اللعب على وتر المؤامرة ضد الكيان من صناع النفوذ والقرار ممن هم خارج أسوار النادي ومنتمين لأندية أخرى، ونجح بعض مسئولي الاتحاد في هذا النهج لسنوات عديدة، معتمدين على العاطفة من جهة والتضليل من جهة أخرى، أما الثانية، فليس هناك سيناريو ناجح للعب نفس دور المواجهة الخارجية، لأنها تنخر في الجسد الاتحادي، وتقسم طاقاته وإمكاناته ورجاله وجماهيره، وهذا ما نشاهده حاليا في الشيخ الوقور الثمانيني. أعتقد أن ما يحدث للعميد من فوضى هنا وهناك، والتي أصبحت العنوان الأبرز له عبر وسائل الإعلام المختلفة، راجع لسببين، الأول غياب «الكبير» عن مسك زمام الأمور سواء بإرادته أو بدونها، والثاني حضور العضلات وغياب العقل لصناع القرار في الإدارة الحالية. وسيسير الاتحاد بقارب في بحر مد وجزر، بحيث تختفي لعبة المشاكل مؤقتا خلف الكواليس، عندما يسير الفريق بنتائج جيدة، وستطفو المشاكل على السطح في حال ساءت تلك النتائج، وسياسة النفس الطويل ستكون حاضرة في مشهد الإدارة، ولكن في خطين مستقيمين لا يلتقيان عند نقطة (اتفاق) وهو واقع اثبتته المواقف بين طرفي المعادلة الاتحادية من داخل اسوار النادي، ومن خارجها حسب الأسماء والمناصب والمتنفذين. الضحية هو الاتحاد الكيان في هذا الصراع القديم الجديد، والذي يقوم به بالإنابة شخصيات تابعة لأخرى، وفصول الحكاية تتكرر بوجوه مختلفة، ولكنها في الوقت الراهن بدأت اللعب على المكشوف، لاسيما أن «الكبير» غائب، والعقل في إجازة، ولك الله يا عميد.