افتتح يوم الاثنين الماضي بالمسرح الملكي بمدينة مراكش المغربية معرض "المغرب وإسبانيا, تاريخ مشترك"، حيث أشرف على حفل الافتتاح كل من العاهل المغربي الملك محمد السادس، والعاهل الإسباني الملك خوان كارلوس وعقيلته الملكة صوفيا. المعرض الذي ينظم بمبادرة المجلس الثقافي للحكومة المحلية بالأندلس ويستمر إلى الأول من شهر مارس المقبل يمنح بما يحتويه من تحف و خرائط و لوحات وصور فوتوغرافية وقطع مختلفة تختزن جزءا من ذاكرة التفاعل الحضاري المغربي الإسباني مناسبة لتقريب الزائر من الفضاء الجيو ستراتيجي الموحد الذي تستشف روحه من وثائق العالم الجغرافي الادريسي المولد بمدينة سبتة العام 1100 ميلادية، وأيضا من وثائق تخص أبا يعقوب يوسف ثاني خلفاء الدولة الموحدية بالأندلس، ومن مخطوطات ابن رشد وابن خلدون والحسن الوزاني "ليون الأفريقي" وغيرها من هذه التحف الوثائقية التي تشهد على عمق التفاعلات الحضارية و الثقافية بين عدوتي مضيق جبل طارق " المغرب والأندلس". وتتوزع المعروضات بين تسع قاعات مختلفة وضع لها المنظمون عناوين تختزل فترات متلاحقة من تاريخ المملكتين بداية بقاعة "الاستهلال" التي تعتبر توطئة لكتاب التاريخ المغربي الإسباني الضارب في القدم، وقاعة "من هنا يبدأ تاريخنا المشترك"، وقاعة "المرابطون والموحدون : فضاء جيو ستراتيجي واحد"، التي تحتوي على مكونات تاريخية تستحضر جانبا من وجود الدولة المرابطية التي يعد الخليفة يوسف بن تاشفين بطل معركة الزلاقة أبرز سلاطينها ثم الدولة الموحدية التي يعد يعقوب المنصور الموحدي بطل معركة الأرك أبرز سلاطينها بالأندلس، واسهامات الدولتين المغربيتين في بناء جزء من ذاكرة الأندلس .. وهو ما يتجسد في مئذنة "لاخيرالدا" بمدينة إشبيلية شقيقة الكتبية في مراكش وصومعة حسان بالرباط، حيث إنها بنيت في نفس السنة من قبل السلطان يعقوب المنصور الموحدي والبرج الذهبي في اشبيلية الأندلسية، ثم قاعة "بنو نصر و بنو مرين: انعكاس لثقافة واحدة"، التي ترصد التداخلات الثقافية- السياسية بين الدولتين النصرية في الاندلس والمرينية في المغرب، والتي تتجلى في العديد من التماثلات التي تعكسها شواهد عمرانية مثل قصور الحمراء و جنة العريف بمدينة غرناطة بالاندلس و المدرسة البوعنانية بفاس أو مدرسة ابن يوسف بمراكش. وتختزن القاعات الأخرى ملامح من علاقات التفاعل الحضاري بين المغرب والاندلس من خلال "تبادر المعرفة" بينهما ومن منظور تنمحي ضمنه الحواجز ليصبح المجال "أرضا بلا حدود" و يقدم شهادات نابضة بالحياة عن ارادة مشتركة في إيجاد "فضاء واحد للحياة".