دعا الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش يوم تنصيبه إلى تحقيق السلام والحرية في العالم. وهذه دعوة مهمة وضرورية على أن يبدأ الرئيس بوش بنفسه، ويوقف جهود الولاياتالمتحدة لإعاقة السلام والحرية في العالم. وأن يبدأ الرئيس الأمريكي بنصرة الفلسطينيين الذين يعانون ويلات الاحتلال ونهب الممتلكات والنار الغاشمة منذ 58 عاماً. ويمكن أن يبرهن الرئيس الأمريكي على التزامه بهذه الشعارات فقط إذا أوقف دعمه لعمليات الإبادة والإرهاب التي يمارسها الإرهابي شارون، وإذا حقق للأطفال الفلسطينيين، والأمهات الفلسطينيات، والشيوخ، ليلة لا يعانون فيها كوابيس الدم والرعب وخشية أن تهدم البيوت على رؤوسهم. إن ما يفرغ وعود بوش وشعاراته من مضمونها، حقيقة أنها يمكن أن تطبق في أي مكان من العالم، ولكنها تصبح عديمة الحياة إذا كان الأمر يتعلق بإسرائيل، وبالذات إذا كان الأمر يتعلق بالحكومة الإسرائيلية المتطرفة الحالية. خاصة أن واشنطن تستخدم الفيتو من أجل حماية إسرائيل من عدالة المجتمع الدولي. إن من اليسر أن يوزع الرئيس الأمريكي الوعود ويطعم الشعوب كثيراً من الأوهام، ولكن من الصعب أن يحقق أي وعد يتعارض مع الإرادة الدموية المحافظة لحكومة شارون وأحلام إسرائيل بأن تستمر كيانا يحكم بالحديد والنار. وفيما يتعلق بالأمة العربية فإن القضية الفلسطينية قضية حاسمة في ضمير المجتمع العربي، وقضية القدس قضية حاسمة في الضمير الجمعي الإسلامي. وإذا استمر الرئيس بوش في دعمه الأعمى لمذابح شارون اليومية في فلسطين، فإن التفاهم بين المسلمين والإدارة الأمريكية سوف يكون صعباً إن لم يكن مستحيلاً. إضافة إلى أن حرب الكره التي يمارسها بعض المتنفذين في إدارة بوش ضد الإسلام وضد العالم العربي، تجعل التباعد بين الشعوب العربية والإدارة الأمريكية أمراً محتماً ومنطقياً. فالمواقف الصديقة تقابل بمواقف صديقة، والمواقف المعادية تقابل حتماً بمواقف مماثلة. وإذا ما مدت الولاياتالمتحدة يداً تمتليء بالآمال وبوعود حقيقية وصادقة وغير تمييزية، فإن الشعوب العربية ستقابلها بالمثل. ولكن أن يطلب بوش من العرب أن يصدقوا وعوداً وشعارات تستثني عدوانية إسرائيل وإرهابيتها، وكونها أكبر جريمة في التاريخ الحديث، فإن طلبا من هذا النوع ليس سوى عرض لأوهام.