قال الشاعر الفلسطيني محمد ابو زميرو أن مسلسل(التغريبة الفلسطينية) الذي عرض على شاشة MBC في شهر رمضان المنصرم, والذي كتبه وليد سيف, واخرجه حاتم علي, يعد عملا تلفزيونيا وابداعيا رائعا, فهو أول عمل عربي درامي يتناول الهجرة/ التغريبية الفلسطينية, بأبعادها الاجتماعية والانسانية وبعيدا عن الضجيج السياسي, والتهويل الايدلوجي, وفوضى الشعار. واوضح ابو زميرو ل (اليوم) أهم الجوانب الثقافية في العمل حيث ذكر ان المتابع للعمل يلاحظ أنه حاول تقديم المأساة الفلسطينية, بصورة ملحمة شعبية فالعنوان(التغريبة) يحيلنا الى عنوان آخر هو (تغريبة بني هلال) ليكون من باب رواية السيرة الشعبية للشعب الفلسطيني, كما ان اعتماد الراوي (علي) كتقنية في المسلسل وإن كانت روايته أميل الى سرد المذكرات يقرب العمل من الملاحم الشعبية ويضيف أبو زميرو: ومن الامور المهمة في المسلسل ذلك العرض الخفي الذي يلحظه المشاهد للانساق الثقافية. في سيرورة الشعب الفلسطيني, ففي المسلسل نسقان ثقافيان مهمان هما: ثقافة ما قبل النكبة. ثقافة ما بعد النكبة (ثقافة المخيم) ويفصل هذه الانساق بقوله: ان المجتمع الفلسطيني تعايشت فيه ثقافتان هما: ثقافة القرية وثقافة المدينة، ويقدم المسلسل ثقافة القرية على ما فيها من جهل وعادات يبدو فيها التعصب لكنها الثقافة الاكثر التصاقا بالارض باعتبارها مصدر حياة الفلاح الاولى, وبالتالي كانت القرية منطلق كل الثورات وحركات المقاومة, وهذه القرى بالذات هي التي اخضعت لعملية التهجير واقتلاع اهلها منها ومحو معالمها والى جانب ثقافة الفلاح البسيط المقاوم كان في القرية طبقة واسعة من الاقطاعيين التي فرضت ثقافتها في المجتمع الفلسطيني قبل النكبة, أما في المدينة فكانت الحياة أكثر رخاء وسعة حيث المدارس والمستشفيات والمصانع حتى إن بعض الفلاحين الصغار يهجرون أرضهم بسبب ثقل الضرائب وصعوبة العيش. اما بعد النكبة, ففقد الجميع امتيازه فلا الفلاح ظل فلاحا ولا الاقطاعي ظل اقطاعيا ولا المدني ظل مدنيا, فقد ظهرت ثقافة جديدة, وواقع جديد هو واقع (المخيم) وثقافته.