قررت يوم الأحد الموافق 28/ 11/ 1425ه التوجه الى سكة الحديد لحجز مقعد لي على رحلة اليوم التالي والتي تغادر الساعة 5:45 صباحا وصلت المكان المقصود (سكة الحديد) تفرست عيناي ساحة المحطة من الداخل فكان الأشخاص قلائل هنا وهناك. واصلت خطواتي حتى شباك التذاكر قابلني المأمور بوجه متجهم ومن دون مقدمات أشار لي بإصبعه بأن اتجه الى الشباك الآخر الذي يفصلني عنه حاجز خرساني يكاد يغطي نصف جسدي (أما كان بالأجدر بهم وضع لوحة صغيرة في مكان مخصص لخدمة السيدات لإنهاء إجراءاتهن) لم ابرح من مكاني حيث طالبت إنهاء إجراءاتي من مكاني وخصوصا لعدم وجود أشخاص آخرين غيري ولأن جميع العاملين قد انهوا اجراءات آخر شخصين كانا متواجدين فكان لي ما طلبت وحجزت تذكرتي صباح يوم الاثنين الموافق 29/11/ 1425 ه وفي وقت قيام الرحلة المحدد كنت من ضمن المسافرين. بداية الرحلة انهيت إجراءاتي وصعدت درجات القطار ووقفت قليلا انفض غبارا كثيفا علق بعباءتي دخلت بعدها وادعو ربي في قلبي على أن أجد مكانا لي. عند أول المقاعد والمخصصة لأربعة أشخاص كانت إحدى الطالبات الجامعيات تجلس وتحجز المقاعد الثلاثة بأكياس وشنط كانت معها.. طفل يلعب هنا وهناك فوق المقاعد أثناء انشغال والدته بالبحث عن مكان قريب منها له ولبقية اخوته الأربعة.. فتيات جامعيات أخذن يتبادلن التحية والسلام وتناسين الطابور الرابض خلفهن مما جعلني اقدم لهن خدمة الضيافة (القهوة والشاي) انتهى كل شيء وتحرك القطار .. جلست وحدثت نفسي: انا هنا في رحلة عمل ..دارسة أو كيفما يكون.. فكرت بعمل استطلاع مع بعض المسافرين عن القطار والخدمات التي تقدمها سكة الحديد وعن المأمورين والعاملين بها.. تخوفت في البداية من رد فعلهم ولكني جمعت أنفاسي وأفكاري وبدأت مع بعض طالبات الجامعات اللاتي يعتبرن من أكثر مرتادي القطار وكان لي ما أردت عرفتهن بنفسي واخبرتهن عن الاستطلاع فوجدت عندهن القبول بعد أن تشاورن فيما بينهن بالنظرات التي تخللها بعض الريبة فقدمت لهن ما يؤكد أني صحافية فانفرجت أساريرهن وبدأت بسرد بعض معاناتهن. اتهام بانتحال شخصية إحداهن أشارت الى واقعة حدثت معها في شهر رمضان خلال توجهها للجامعة حيث حدث خطأ من الشخص المسؤول عن قطع التذاكر حيث اخطأ في جزء من اسمها واثناء الرحلة طلب منها المأمور التذكرة فلاحظ الخطأ فاتهمها بانتحال شخصية الغير أو لنقول الصعود للقطار باسم شخص آخر فخيرها بين أن تنزل في محطة بقيق وتحل هناك المسألة او أن تدفع غرامة مالية فما كان منها إلا ان تدفع الغرامة حتى تتمكن من اللحاق بالامتحان ولسان حالها يحمد الله على ما وصلت إليها حالها. مسافرة أخرى كانت مع زوجها سألتها بعد أن عرفتها بنفسي عن رأيها بالخدمات التي تقدم على رحلات القطار فردت بخجل بأنها لا تريد شيئا سوى أن يصلحوا المنافذ التي يدخل منها التراب فنظرت لعباءتها فتذكرت ما علق على عباءتي وقت صعودي للقطار فسألتها من أين تتوقعين نزول الكم الكبير من التراب على عباءتك وغطاء رأسيك فقالت لا اعلم ربما من التكييف. أسعار المأكولات باهظة طالبات أخريات أبدين امتعاضهن من الأسعار المبالغ بها في مبيعات القطار فقارورة الماء التي تباع بريال تباع بريالين والسندويشات تباع حسب نوعها وتتراوح أسعارها بين 3 ريالات و5 ريالات والأعجب هو صحن البطاطس المقلي الذي تعلق رائحة الزيت بملابس الركاب قبل دخول مبلغه في جيب البائع فصحن البطاطس الصغير المعبأ بما يقارب من 10 الى 12 اصبع من البطاطس يباع ب 5 ريالات بينما الكيس يباع ب 12 ريالا في (البقالات) وفوق كل هذا عدم ضمان نظافة البائع الذي يبيع كل ما معه وفي يده نفس القفاز البلاستيكي الذي يتسلل مرة على شعره ومرة يهرش به جسده. في البقالات كما طالبت مجموعة من الراكبات والطالبات بتخصيص مكان لهن اسوة بالعزاب حتى يتمكن من أخذ راحتهن وخصوصا الطالبات اللاتي يضطررن لمراجعة دروسهن أثناء الرحلة وقبل الامتحانات والسبب الإزعاج المتصاعد من الأطفال الذين يتركهم أولياء أمورهم من غير رقيب أو حسيب ولا نلومهم فالطريق طويل ولا توجد وسيلة للتسلية أو لقطع الملل سوى اللعب بين المسافرين أو النوم من بعد تعب. مطالبة بتذاكر مخفضة كما طالبت بعض الموظفات اللاتي يرتدن القطار يوميا بأن تكون اسعار التذاكر مخفضة 50% بدلا من 25% نظرا لظروف تواجدهن اليومي.. ركاب طالبوا بوجود عربات لنقل العفش من المحطة لخارجها لأنها بالكاد تكون معدومة. أيضا طالبت بعض الطالبات بتوفير وجبات غذائية وتكون بأسعار مناسبة ومعقولة هربا من المبيعات التي تقدمها سكة الحديد. هنا توقف القطار بالاحساء دون أن انتبه لتوقفه بمحطة ابقيق فقصدت وجهتي. انتهيت من مهمتي التي كنت بصددها فعدت أدراجي للمحطة مرة أخرى حيث كانت الرحلة المقررة في الساعة 11.59 ظهرا انتظرت مع المنتظرين وجاء القطار وتزاحمت الأجساد عند بوابة الخروج . فتح الباب الخارجي على مصراعيه خرج العزاب ومن ثم العوائل ركبت مع الراكبين كل يدخل بطريقة عشوائية وكأننا أمام طابور لتوزيع الهدايا المجانية وجدت مقعدا الا انه كان محجوزا بحقيبة كبيرة وعلى المقعد المجاور له سيدة تغط بنوم عميق.. مقعد آخر لكنه محجوز أيضا ولكن بشال اسود. مقعدان لثلاثة أشخاص وأخيرا وجدت مقعدين شاغرين جلست وجلست بجانبي سيدة وخلفي سيدة ومعها طفلتان ((منيرة وسلطانه)) أخذتا بالبكاء فسألتها عن سبب بكائهما فردت بصوت مخنوق أقطع تذاكر لثلاثة أشخاص ولا أجد سوى مقعدين!! سألتها برأيها عن السبب فقالت بسبب عدم التنظيم وترقيم التذاكر بمكان الجلوس كما تفعل جميع الخطوط الجوية فقالت أننا هنا نعمل بالمثل الذي يقول (( من سبق لبق)) وهو مثل شعبي ومثل المثل المصري ((يا تلحق ياما تلحقش)) التفت إلى السيدة التي تجلس جواري فرأيتها تخرج من كيس ساندويتش مع عصير كما فعلت أنا فسألتها عن السبب الذي يمنعها من الشراء من المبيعات على متن القطار فقالت دون تردد بأن الساندويتش الذي معها أنظف وأرخص مما يقدم هنا وعندما عرفتها بنفسي قالت لي: رجاء طالبيهم بأن يغيروا القاطرة رقم 2 لأنها تحدث صوتا مخيفا مع اهتزازات ويجب أن تكون العربات بالمستوى اللائق حتى تكون صورة جيدة أمام الأجانب مرتادي القطار كما طالبت بوضع جرس تنبيهي بالقطار حتى ينتبه المسافرون بوصول القطار للمحطة المقصودة!! هنا استعجبت من طلبها هذا فسألتها عن السبب وقلت لها ألا يكفي صوت المأمور؟؟ فقالت: أنه غير كاف حيث تعرضت مسافرتان خلال الأسابيع الماضية لموقف جعلها تطلب هذا الطلب وعندما سألتها عن الموقف قالت بأن الفتاتين جاءتا من الرياض وكانتا متوجهتين للإحساء فاستيقظتا في محطة الدمام وقالت بأن هذا الموقف حدث معها شخصياً!!! حيث استيقظت ووجدت نفسها بمحطة الدمام بدلاً من المحطة التي كانت تقصدها. تخصيص أماكن للسيدات راكبة أخرى رمزت لنفسها بالرمز "ل. الدوسري" طالبت بتسيير رحلات من الدمام إلى الرياض في الساعة 9 مساء أسوة بالرحلات القادمة من الرياض كما جددت طلبها بتخصيص أماكن خاصة بالسيدات المسافرات بمفردهن عندما انتهيت من حديثي وجدت نفسي بمحطة الدمام أيضاً من دون أن انتبه بتوقف الرحلة بمحطة ابقيق!! لكن كل ما أتذكره هو صوت الصرير المزعج الذي صدر من الميكرفون الذي استخدمه المأمور وقتها نزلت من القطار بعد أن حاربت للخروج من موقعي نظرت حولي فرأيت بأن الكل يسير وهو صامت فتمنيت لو أني استطعت أن أتحدث مع كل الموجودين ولكن الوقت لم يسعفني لفت نظري منظر ظننته في الوهلة الأولى بأنه بأحد الملاهي الترفيهية لقد كانت العربات التي تحمل العفش على متنها تحمل في أول عربة العفش بينما على العربات الأخرى الفارغة كانت تحمل على متنها مجموعة من العاملين الآسيويين الذين يلبسون الملابس السماوي وكان عددهم يتراوح ما بين 6 إلى 7 أشخاص لقد كانوا كمن يلعبون بقطار الموت المعروف بالملاهي الترفيهية وبعضهم يركض خلف العربة فرحين.. وصلت لبوابة الاستقبال فاستقبلني ابني كما استقبل الآخرين أهاليهم.