يجمع خبراء النفط على ان التهافت على المصادر النفطية خلال الأعوام القليلة القادمة سيتصاعد في ضوء المنافسة بين الولاياتالمتحدة ودول الاتحاد الأوروبي والصينوالهند لتأمين الحصول على أكبر كمية من المعروض النفطي. ورغم انخفاض أسعار النفط في السوق الدولية الا ان التنافس الحاد بين الدول الكبرى لإبرام صفقات نفطية مع الدول المنتجة بات عاملا مؤثرا في صياغة العلاقات الاقتصادية الدولية في ضوء الطلب المتزايد على النفط في العالم. وضمن هذه المعطيات يجد المراقبون ان الولاياتالمتحدة التي تعد أكبر مستورد للنفط على المستوى العالمي، تبذل مساعيها للحصول على امتيازات هائلة فى حقول النفط الإفريقية والكندية والروسية بينما تعكف حاليا على إقامة شبكة واسعة من البعثات الدبلوماسية لضمان مصالح شركاتها في حقول النفط في العديد من الدول كنيجيريا وتشاد والكاميرون وساوتومي وإعاقة وصول أية شركات صينية أو أوروبية لتلك المناطق. وفي نفس الوقت تنافس الصين وهي ثاني أكبر مستورد للنفط في العالم، الولاياتالمتحدة لانتزاع عقود نفطية من إيرانوفنزويلا وكندا وروسيا والسودان، وتسعى الى مزاحمة الشركات الروسية والبرازيلية والهندية واليابانية للحصول على المزيد من الامتيازات النفطية في فنزويلا التي تستورد منها الولاياتالمتحدة حوالي 14بالمائة من احتياجاتها النفطية رغم خلافاتها مع نظام الرئيس هوجو شافيز. ويرى المراقبون ان مساعي بكين المتعطشة للنفط ستؤثر سلبا على الخطط الامريكية الرامية الى إعادة الاستقرار إلى سوق النفط التي شهدت حالة من عدم الاستقرار خلال عام 2004 بسبب التوتر في منطقة الشرق الأوسط والاضطرابات العمالية في نيجيرياوفنزويلا. كما ان دخول العديد من الدول الآسيوية حلبة المنافسة سيؤدي الى حدوث حالة من عدم الاستقرار في أسواق النفط خلال السنوات القليلة القادمة بسبب تزايد معدلات الطلب وتأثرها بالتوترات السياسية في الدول المنتجة للنفط. وينذر التهافت للاستحواذ على المصادر النفطية بوجود حرب خفية بين العمالقة الثلاثة في آسيا كاليابان والصينوالهند للحصول على أكبر كمية من النفط الإيراني البعيد عن سيطرة الشركات الأمريكية بسبب خلافات واشنطن السياسية مع ايران. حيث تشير الإحصائيات الى ان حجم استيراد النفط في الصين تضاعف خلال الأعوام العشرة الأخيرة مقابل ارتفاع في الواردات النفطية الأمريكية بلغ 18بالمائة خلال نفس الفترة. كما ان إنتاج النفط المحلي في الصين الذي كان يكفي الاستهلاك المحلي منذ تسع سنوات، سوف يسد 50 بالمائة فقط من الطلب المحلي المتزايد عام2005. ويرى الخبراء ان بكين سوف تحصل على النصيب الأكبر من حقول النفط والغاز الإيرانية متفوقة على الأوروبيين واليابانيين فور توقيع مذكرة التفاهم التي تتيح لها فرصة تطوير واستغلال حقل يادافاران الايراني. وفي نفس الوقت يرى الخبراء ان تزايد معدلات الطلب على النفط بشكل ملحوظ في الهند يمثل تهديدا للصين التي تبذل جهودا مضنية لتأمين احتياجاتها من الطاقة، في إشارة إلى أن نيودلهي تسعى جاهدة لتأمين احتياجاتها المتزايدة من النفط من منطقة الشرق الأوسط وإيران. وفي الخلاصة فان التنافس الحالي بين الصينوالهند على إبرام الاتفاقيات مع العديد من الدول المنتجة للنفط والغاز يعكس قلق الدولتين من تقلبات السوق النفطية الدولية والنمو الاقتصادي السريع الذي حققته الدولتان.