تدفع غابات الاخشاب الصلبة في جنوب قارة افريقيا ثمنا باهظا لازدهار صناعة المنحوتات الخشبية في المنطقة. ويقول مدافعون عن البيئة ان هذا النشاط غير المنظم قضى تقريبا على الخشب الاسود في مالاوي وهو خشب صلب يفضله النحاتون للونه وصفاته المميزة. وفي الوقت الذي تتلاشى فيه الغابات في مالاوي ذات الكثافة السكانية العالية وأحد مراكز هذه التجارة يخشى دعاة حماية البيئة أن طلبا بدأ ينشط على أنواع من الخشب الصلب في دول مجاورة مثل موزامبيق وزامبيا بصورة لا تستطيع موارد البلاد الوفاء بها. وقال توم ميليكين مدير فرع شرق وجنوب افريقيا بمنظمة ترافيك التي تراقب الاتجار في النباتات والحيوانات البرية حيث اننا نفقد غطاء الغابات فاذا كان لصناعة نحت الخشب أن تستمر فلا بد من أن تعتمد على موارد للخشب من الخارج. وأضاف يقع المورد تحت ضغط كبير والنحاتون في مالاوي يتجهون بشكل متزايد الى مصادر أخرى للخشب من موزامبيق وزامبيا. كان تقرير للمنظمة عن الوضع في مالاوي صدر عام 2000 قد رسم صورة كئيبة. وقال التقرير أسفر تفضيل الاخشاب ذات اللون الداكن والتجزع الجميل المتينة الثقيلة عن القضاء على العديد من أنواع الاخشاب الصلبة الطبيعية /في مالاوي/. ما زال استغلال موارد الغابات مستمرا بكامل قوته والنتيجة هي استنزاف مفرط لانواع منتقاة. وينتهي المطاف بكثير من المنتجات في جنوب افريقيا التي تتمتع بقطاع سياحي ضخم يتنامى بسرعة. وتشير أرقام ادارة الجمارك الى أنه في عامي 2002 و2003 دخلت تحف قيمتها تقارب 3ر2 مليون راند /401700 دولار/ عبر مطار جوهانسبرج الدولي قادمة من مالاوي بما مجموعه 446326 قطعة. وتظهر بيانات ادارة الجمارك أن جنوب افريقيا استوردت منتجات خشبية بما قيمته تسعة ملايين راند عام 2003 من مالاوي مقارنة بما استوردته منها عام 2002 وبلغت قيمته 8ر8 مليون راند. ولم تحص الامدادات غير المشروعة منها التي تمر عبر الحدود الا أن بعض دعاة حماية البيئة يخشون من أنها قد تكون كثيرة. في ضاحية روزبانك الراقية بجوهانسبرج هناك سوق نشطة للصناعات اليدوية الافريقية بها ما يقرب من 70 منصة للبيع حيث يبيع الباعة المتجولون منحوتات قادمة من مالاوي وزيمبابوي وزامبيا وحتى من الكاميرون. وتتدلى الاقنعة من الحوائط بينما تتكدس الاواني والشطرنج بعضها فوق البعض. ويوجد لدى هؤلاء الباعة منحوتات تطابق تلك الموجودة في أسواق أخرى في شتى أنحاء البلاد مما يشير الى عمليات انتاج ضخمة. وتعد المنحوتات التي تتخذ أشكال الحيوانات هي المعتادة حيث الخمسة الكبار الفيل ووحيد القرن والجاموس البري والاسد والنمر هي الاشكال المفضلة. وقال صمويل سيتول وهو بائع متجول من مالاوي وهو يشير الى منصته التي تكدست عليها المنحوتات معظم الاشياء هنا مصنوعة من خشب الماهوجني والابانوس والخشب الحديدي. ولكن ليست كل المنتجات منحوتة من مثل هذه الاخشاب الصلبة الجذابة. وقال بائع كان يجر منحوتة ضخمة على شكل زرافة طولها أربعة امتار قال انها مصنوعة من الجكرندة وهي شجرة من امريكاالجنوبية وتشتهر بزهورها مستدقة الرأس لكنه نوع ترغب الحكومة في التخلص منه لانه نبات اجنبي يستهلك الكثير من الماء. ويقول سيتول ان عليه أن يسدد 1600 راند /273 دولارا/ شهريا مقابل منصته وان التجارة لم تكن منتعشة مؤخرا. لكن بعض بطاقات الاسعار تحمل أرقاما باهظة ولم تعد بالصفقة الرابحة كما كان الحال بالنسبة للسائحين الاجانب بالنظر الى القوة التي اكتسبها الراند الجنوب افريقي في الاونة الاخيرة. ويباع بابان منحوت عليهما أشكال معقدة لادميين لقاء 65 ألف راند /11 ألف دولار/. بعض المنحوتات جميلة لكن الاراضي التي أزيلت منها الغابات ليست جميلة. وقد تكون العواقب وخيمة بالنسبة لمالاوي احدى أفقر دول العالم التي تعاني بالفعل من ضغط بيئي بسبب الزيادة السكانية. ويحرم فقدان الغابات سكان الريف الفقراء من حطب الوقود الضروري بالنسبة لهم. كذلك قد يزيد تدمير الغابات من تعرية التربة ويمكن أن يؤدي الى انقراض النباتات والحيوانات المحلية التي تعتمد على الاخشاب الصلبة.