كنت أتابع برنامجا جديا في إحدى القنوات الفضائية التي لجأت إلى طرق جديدة لكسب أموال السفهاء بإضافتها شريطا لرسائل sms . وتفاجأت بتهنئتها الخاصة لمشاهديها من المملكة العربية السعودية لتمكينهم من استخدام هذه الخدمة وإهدارهم لأموالهم الخاصة في أرصدتها. في شريط تحسبه للوهلة الأولى شريطا لأهم الأخبار بينما هو شريط لرسائل الحب والغرام والتافه من الكلام. لم استطع متابعة البرنامج والأسئلة والحوار الدائر فيه لانشغالي بما يكتب في ذلك الشريط الذي استولت عليه فتاة من السعودية تدعى (لولو) كانت تبعث رسائل متتابعة لحبيبها (كوكو) وتعتذر له عما بدر منها وترجو منه عدم الغضب وتقدير ظروفها! وتضامن بعض المشاهدين والمراسلين معها أو وقوفهم ضدها وضد حملتها الاستعطافية! لقد كانت رسائل تلك الفتاة مدهشة ولست أدري هل كانت تعاني من فراغ عاطفي أم أخلاقي أم توجيهي؟ وكيف وقعت في حبائل ذلك ال(كوكو) القاسي القلب الصامد أمام رجائها وإلحاحها المستمر؟ وهل أصبح الحب عبر القنوات الفضائية والغزل برسائل sms هو الموضة هذه الأيام، أم أن أصحاب هذه الرسائل لهم طرقهم الخاصة في التواصل مع بعضهم البعض؟ لم استطع إحصاء عدد الرسائل التي بعثتها(لولو) المغرمة من السعودية لحبيبها القوي الفاتن (كوكو) والتي منها: (كوكو حبيبي وينك أنا لولو)، (كوكو صار لي أسبوع أدور عليك وأرسل لك ليه ما ترد) (لولو تبحث عن حبيبها كوكو هل من أخبار) (أرجوك رد حالا وبعدين العتب حبيبتك لولو). رسائل متكررة كلها شوق ولهفة وفراغ وضياع للآداب ليس أعجب منها سوى تكرم بعض المشاهدين من السعودية وتدخلهم في حملة ندائها لكوكو والتي منها (لولو خليك من كوكو والله ما يسوى تراب رجولك) (حرام عليك يا كوكو رد على البنية) (لولو أنت شيخة آل الفلان بالسعودية) (كوكو تعجبني ما ينفع مع البنات إلا كذا) (لولو خليك من كوكو وشوفي غيره الشباب والله كثير) جميع هذه الرسائل وأضعاف أضعافها مما هو أسخف منها وأمرّ كانت من السعودية رسائل متواصلة على مدار اليوم وكعادته المشاهد السعودي كان الأكثر سيطرة على القنوات الفضائية بتصدره للمشاركات الهاتفية والرسائل والتصويت ، وكأن شركة الاتصالات قد منحتهم ساعات مجانية للتواصل مع القنوات الفضائية وإنجاح برامجها الفاشلة. وإني لأتساءل كم خسرت تلك اللولو من عشرات الريالات وربما المئات والآلاف على رسائلها المحمومة واستجدائها للأخ (كوكو)؟ وهل كان وراء تلك الرسائل المتواصلة عاطفة شغوفة صادقة أم أنها مجرد لهو؟ والحقيقة أن كلا الأمرين محزن ومؤلم. فأن تتعلق فتاة بفتى عن طريق رسائلsms أو برامج القنوات الفضائية وتهدر مالها وأموال أهلها على ملاحقات بائسة ومضحكة وعاطفة هائمة لا حاكم لها لا عقل ولا دين ولا أهل لأمر صعب القبول ، ومؤلم أن يصل المستوى بأبنائنا وبناتنا وأجيال المستقبل لهذه الدرجة من التفاهة والعبث والسخف! وان تكون تلك الرسائل مجرد وسيلة لشغل الفراغ واللهو والتسلية لأمر أشد وأكثر إيلاما بأن تضيع الأموال وخدمات وتقنيات الاتصال على تعليقات عابثة وتبادل بائس للعبارات الجوفاء والتصرفات الخرقاء! فأين هو عقل هؤلاء المتراسلين وأين أهلهم ألا يوجد مراقب لهم أو مرشد؟ أنشتكي في صحفنا ومجالسنا ولقاءاتنا من غلاء المعيشة وتعدد قنوات الصرف المالي وضياع دخلنا عليها بل وعجزه عن الإيفاء بمعظمها، ثم نطالب بتخفيض رسوم الاتصالات وفينا من يهدر الريالات بلا وعي في اليوم الواحد على رسائل تافهة لا معنى لها ولا فائدة ترجى، إلا إنعاش البرامج والقنوات التافهة الخاوية وإعطاءها فرصا للبقاء. فهذه النوعية من المجتمع التي تستسهل صرف مالها ووقتها على كلمات وعبارات ساقطة وتافهة صغارا كانوا أم كبارا راشدين أم قصراً يجب وضع حد لهم ولاستمرائهم بوسائل فعالة رادعة. وإذا لم يكن هنالك من أهلهم من يهتم لشأنهم ومصلحتهم ولما يهدرونه من قيم وأخلاق وأموال ، فلا بد أن يأخذ زمام ذلك المجتمع ومؤسساته ويضع حدا لهم. من أجل المصلحة العامة وسمعة الوطن. فكيف نرتضي بأن يرتبط اسم وطننا بهذا الغثاء الذي يفرزه سفهاء قومنا. إن أفضل حل لذلك هو زيادة تكلفة مثل هذه الخدمات بل ومضاعفتها عشرات المرات فلا فائدة ترجى منها سوى اللهو الساقط وإيذاء وجرح الذوق العام وآدابه، إن لم يكن احتمال منع هذه الخدمة مرة أخرى واردا. ولنجعلها ضريبة تقام على كل من أساء لسمعة الوطن.