اذا ما الليل اضواني بسطت يد الهوى واذللت دمعا من خلائقه الكبر كلما تسلل هذا البيت الجميل الى خاطري تساءلت في اعماقي هل حقا للدموع اخلاق وطباع كما ذكر الشاعر ام انها مجرد ماء ينسكب من العين ليعبر عن مشاعر معينة مشاعر فرح او حزن او قهر او ظلم؟ اعتقد بل اكاد اجزم بان هذه القطرات الشفافة ممزوجة باخلاقها ومبادئها التي تجعل في صورتها في الاحداق اختلافا وتباينا من شخص لآخر فتراها تشرق في بعض العيون بمسحة من الجمال والصدق كاشراقة الفجر الوليد بعذوبته في كبد السماء المظلمة وتراها في عيون اخرى قبحا ودمامة واستمع للشاعر الآخر وهو يصف الدموع بالبر والوفاء==1== وما نافعي ان تبكيا غير اني==0== ==0==احب دموع البر والمرء وافيا==2= واتساءل مرة اخرى هل الدموع تحمل اخلاق صاحبها دائما ام انه من الممكن ان تكون لشخص خليقة معينة ولدموعه خليقة اخرى بعيدة عنها؟ الا ترون معي ان هناك في الناس من يحمل على سبيل المثال صفة اللين والسهولة والتواضع بينما تجد دمعه شديد الاباء والكبرياء ولاقوة فلا يذل وينهمل مع كل شاردة وواردة وامام الآخرين بتركيباتهم المختلفة بل ربما انهمل في عظائم الامور فقط او ربما ظلت دموعه الابية متوارية في احداقه لا هي تعود من حيث اتت ولا هي تفر من عين صاحبها فتريحه بل ربما حصل ما هو اكثر من ذلك فتراها تتلفع بابتسامة عذبة خجولة كعذوبة تلك الدمعة ورقيها اما النوع الاخر من الدموع فهي دموع وضيعة طبعها الخسة والدناءة تنهمر وتنساب حسب الظروف التي تدور عليها مصلحة صاحبها فتتملق الآخرين بهوانها وتشتري اذعانهم لحاجاتها ونزواتها مهما حقرت او صغرت بذرف الدموع فهي دموع لا كرامة لها ولا كبرياء وعلى حد قول الشاعر: "وكم من باك وليس له دمع" اما النوع الثالث فهو نوع كسابقه في الوضاعة والانحطاط دموع طبعها المكر والخداع والنفاق هي على اهبة الاستعداد للنزول في اي وقت وفي اي مكان حسب ما يقتضيه حال الشخص المقابل ويطلقون عليها بعض الناس دموع "التماسيح" مع الاعتذار الشديد للتماسيح لان التماسيح تتصرف بحسب طبيعتها الفطرية الافتراسية التي فطرها الله عليها اما الانسان حينما يشابه التماسيح فهو يتصرف بغير فطرته السوية التي خلقه الله عليها قال جل جلاله: (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم). المهم فلنترك التماسيح في حالها ونعود لهذه الدموع وطباعها هذه الدموع تذل وتنهمل لكي تشعر الآخرين بالمشاركة سواء في افراحهم او احزانهم حسب ما يقتضيه الحال خاصة اذا كان المقابل من اصحاب الشأن، رغبة في التقرب منهم ثم خلف ظهورهم سرعان ما تجف هذه الدموع الماكرة ويبدأ الحش والتقطيع في اوصال من كانوا يبكون معهم قبل قليل فلله در اصحابها كيف انحطت دموعهم الى هذا المستوى اعاذنا الله واياكم منها وختاما تبقى اسمى واغلى دموع وارفع شأنا وثمنا دمعتان نسأل الله ان يرزقنا واياكم هاتين الدمعتين دمعة ذلت وانسابة من خشية الله ودمعة ذلت شوقا للقاء الأحبه محمد وصحبه عليه صلوات ربي وسلامه وعليهم رضوان الله أجمعين. @@ مريم مبارك المشرف