مرت عشرة أعوام منذ أن شاهد المزارع بهايرو سينغ ماء في البئر الموجودة في قطعة أرض صخرية يملكها في غرب الهند. ويقول الخبراء ان الامور لن تكون أفضل بالنسبة لسينغ وملايين المزارعين في جنوب آسيا الذين يصارعون جفافا زاحفا في بعض المناطق وفيضانات مدمرة في مناطق أخرى لبضع سنوات قادمة من الآن. والسبب هو ارتفاع درجة حرارة كوكب الارض التي يسببها انبعاث غازات الاحتباس الحراري من حرق الوقود الاحفوري. وحسب تقديرات الاممالمتحدة فان نحو 3ر2 مليار نسمة في حوالي 50 دولة سيواجهون نقصا حادا في المياه بحلول عام 2020 بسبب ارتفاع درجة حرارة كوكب الارض. وبالنسبة لسينغ وهو رئيس قرية باتهيدا كالا في ولاية راجاستان الصحراوية الهندية فان العثور على المياه هو صراع يومي. وقال (نواجه جفافا منذ سنوات. آبارنا نضبت ومحاصيلنا ذبلت وماشيتنا أيضا تنفق بمرور الوقت). وتابع قائلا (ورغم تساقط المطر هذا العام الا أنه لم يكن كافيا لتعويض كل هذه السنوات). كما أن ذوبان قمم الجبال الجليدية في انحاء العالم التي يقول الخبراء انها مصدر ما يصل الى 95 بالمئة من المياه في شبكات الانهار سيفاقم وحسب من أزمة المياه المتزايدة. وتشير بعض التقديرات الى أن القمم الجليدية لجبال الهيمالايا وهي شريان الحياة للمياه العذبة لكثير من أنهار جنوب آسيا مثل نهر جانجا وبراهمابوترا بدأت تتقلص بدرجة كبيرة بالفعل في العقد الماضي. وقال ارون بهاكتا شريستا عالم المياه في الحكومة النيبالية لرويترز (القمم الجليدية للهيمالايا تتقلص بسبب تغير المناخ. وهذا قد يؤدي الى نقص حاد في المياه ليس في نيبال وحدها وانما أيضا في الهند وبنجلادش في موسم الجفاف وربما يسبب الفيضان في موسم المطر). واستطرد قائلا (والنتيجة الاخرى المهمة المترتبة على ارتفاع درجة حرارة كوكب الارض تتعلق بالبحيرات الجليدية. فالبحيرات الجليدية قد تفيض بسبب التغير المناخي وتؤدي الى فيضانات في الانهار). وحسبما جاء في تقرير لبرنامج الاممالمتحدة للبيئة فان ارتفاع درجة حرارة الكوكب سيؤدي الى فيضان أكثر من 40 بحيرة جليدية في الهيمالايا في السنوات القليلة القادمة مما يتسبب في فيضانات وسقوط آلاف القتلي. والاسوأ أنه مع توقع ارتفاع درجات الحرارة في العالم بنسبة تتراوح بين 4ر1 و8ر5 درجة مئوية بحلول عام 2100 وارتفاع منسوب المياه بالبحار بما يتراوح بين تسعة سنتيمترات و88 سنتيمترا فان جزرا صغيرة مثل المالديف والكثير من الجزر في الكاريبي وجنوب المحيط الهادي مهددة بالغرق. وقال راجندرا باتشوري رئيس لجنة الاممالمتحدة الحكومية للتغير المناخي المخاطر الاكبر للتغير المناخي هي الآثار السيئة على الزراعة خصوصا بالنسبة للمزارعين الذين يعتمدون على الزراعة بمياه الامطار. واستطرد قائلا (بالاضافة الى ذلك سيكون لذوبان القمم والبحيرات الجليدية السريع وارتفاع مستوى البحار آثار ضارة كذلك. ويعني تقلص القمم الجليدية أنه ستكون هناك تدفقات أقل للمياه في أنهارنا الشمالية. وسيجعل ارتفاع مستوى البحار الاعاصير والعواصف أكثر خطورة حتى قبل أن تغمر المياه مناطق ساحلية بأكملها). وتأثير التغير المناخي واضح بالفعل في درجات الحرارة المرتفعة في فصل الصيف في جنوب آسيا التي وصلت الى 50 درجة مئوية والطبيعة الشاذة للامطار الموسمية التي تعد واحدة من أكثر الظواهر التي يشهدها العالم شراسة. يضاف الى ذلك تزايد عدد السكان وتعاظم الطلب على المياه من الزراعة والمدن والصناعة والنتيجة تراجع سريع في توافر المياه. وتراجع معدل توافر المياه بالنسبة للفرد في الهند الى 1889 مترا مكعبا بدلا من أربعة آلاف متر مكعب قبل عقدين. ويقول الخبراء انه قد ينخفض الى أقل من ألف متر مكعب في العشرين سنة القادمة. وفي فصل الصيف يقطع آلاف البشر في قرى الهند أميالا بحثا عن المياه وحتى في المدن فان المياه سلعة غالية تؤدي احيانا الى اشتباكات في الشوارع. قال باتشوري (قد تتغير أنماط تساقط الامطار نتيجة لتغير المناخ مما يؤثر على النمط المستقر للامطار الموسمية). وأضاف (قد نشهد فيضانات مفرطة ومتكررة وكذلك جفافا يزيد أو يقل في المناطق نفسها. وسيكون لكل هذا تأثير سيئ على الزراعة وتهديد الامن الغذائي في المنطقة). ويقول بعض خبراء المياه ان الافراط في استخراج المياه الجوفية فاقم نقص المياه. قال سوميتا داسجوتا خبير المياه في مركز العلوم والبيئة ومقره نيودلهي لرويترز (مواسم الفيضان والجفاف كانت موجودة هنا منذ مئات السنين... لكن التأثير أصبح أكثر تدميرا لان المياه أصبحت تستخدم أكثر دون قيود وبكثافة).