أدت الاضطرابات السياسية في اوكرانيا الى اتساع هوة الخلاف بين روسيا والغرب لكن محللين يقولون انه من غير المرجح ان تسمح موسكو للخلاف بشأن انتخابات الرئاسة في الدولة السوفيتية سابقا بأن يتحول الى مواجهة على نمط الحرب الباردة. وانتخابات الاعادة التي جرت يوم الاحد الماضي أعطت للناخبين الاختيار بين المحافظة على العلاقات التقليدية مع روسيا أو التحرك نحو الغرب والاتحاد الاوروبي الذي توسع حتى وصل الى حدودهم. واستثمر الكرملين الذي يرى ان اوكرانيا جزء من منطقة عازلة استراتيجية ملايين الدولارات وبعث كبار الخبراء لمساعدة رئيس الوزراء الموالي لروسيا فيكتور يانوكوفيتش لهزيمة المرشح المؤيد للغرب فيكتور يوشتشينكو. لكن الامور لم تتحرك كما هو مخطط لها. فقد نزل عشرات الوف المحتجين الى الشوارع في كييف ومدن اخرى لتأييد يوشتشينكو الذي اتهم السلطات بالغش واسقاطه رغم فوزه وقال مراقبون غربيون ان الانتخابات شابها التزوير. ووضعت هذه الازمة روسيا في ورطة. فمن ناحية يريد الرئيس فلاديمير بوتين تعزيز نفوذ موسكو في الجمهوريات السوفيتية سابقا وبالتالي فهو حريص على ان يكون هناك رئيس متعاطف مع الكرملين في اوكرانيا. ومن الناحية الاخرى وجد بوتين نفسه في مواجهة مع موجة انتقادات من الغرب وشركاء تجاريين رئيسيين يشجبون الانتخابات ويطالبون بمراجعة النتائج. وقال فاتشيسلاف نيكونوف رئيس مؤسسة بوليتيكا وهي مؤسسة ابحاث سياسية لا أعتقد ان تأييد الكرملين ليانوكوفيتش كان خطأ. واضاف فوز يوشتشينكو معناه ان انضمام اوكرانيا الى حلف شمال الاطلسي في العامين القادمين ورحيلها من سوق مشتركة مخطط لها أمر ليس بوسع الكرملين ان يقبله. وقال مسؤولون من الاتحاد الاوروبي ان دور روسيا في الازمة الاوكرانية سيثار في اجتماع قمة يبدأ في لاهاي. واستدعت وزارة الخارجية الامريكية السفير الروسي لدى واشنطن للتعبير عن قلقها بشأن تهنئة بوتين ليانوكوفيتش قبل اعلان النتيجة. ومن الواضح ان بوتين شعر بالقلق من الانتقادات. وقال بوتين يوم الثلاثاء اوكرانيا دولة ديمقراطية رئيسية .. لا تعلموا اوكرانيا الديمقراطية. وأكد بوتين مرارا ان روسيا يجب ان تكون شريكا للغرب والا تنظر الى حلف شمال الاطلسي أو الاتحاد الاوروبي على انهم منافسون أو أعداء. لكن محللين يقولون انه رغم الرغبة في التقارب فان الكرملين وجد ان هذه العملية تنطوي على اهانة. وقالت صحيفة نيزافيسيمايا جازيتا في اواخر الاسبوع الماضي انها نوع من الصداقة يفعل فيها الشريك ما يريده ويترك الشريك الاخر لكي يبتسم. وتعين على روسيا ان تقبل على مضض قرارا من حلف شمال الاطلسي بمنح دول البلطيق عضوية الحلف بعد ان كانت هذه الدول تحت حكم الكرملين وان تقبل ايضا وجود عسكري غربي في اجزاء اخرى من الامبراطورية السوفيتية القديمة في القوقاز واسيا الوسطى. ومنذ عام اضطرت روسيا الى مراقبة تمرد شعبي وضع رئيسا ميالا للغرب في السلطة في جورجيا. ورغم حجم الالم قال محللون انه من غير المرجح ان تحاول روسيا فرض ارادتها على اوكرانيا الجمهورية السوفيتية سابقا التي كانت الاقرب الى قلب روسيا. وقال فلاديمير شيفيتسر وهو محلل في معهد اوروبا اعتقد انه يمكن استبعاد محاولات استخدام القوة.واضاف في الحقيقة الانتخابات أظهرت ان قدرة روسيا على التأثير في احداث اوكرانيا محدودة. وقال توجد عملية طويلة لمحاولات ايجاد حل وسط في المستقبل. وقال بوريس ماكيرينكو من مركز التكنولوجيات السياسية وهو مركز ابحاث ان المؤشرات الاولى على ان موسكو تبحث عن حل وسط بشأن اوكرانيا ظهرت بالفعل. وبعد ساعات من تهنئة يانوكوفيتش تراجع بوتين ليقول انه مازال ينتظر النتيجة الرسمية والنهائية. وقال ماكارينكو كان هذا رسالة واضحة الى يانوكوفيتش .. لا احد يحتاج الى اضطرابات هنا .. اذهب وتوصل الى اتفاق مع يوشتشينكو.