حلق طائر البلشون (مالك الحزين) الرمادي اللون مجتازا السلك الشائك الذي يفصل الصين عن هونج كونج ليهبط برشاقة على مسطح من الطين في محمية ماي بو الطبيعية في المدينة حيث وصلت طيور برية أخرى في موسم هجرتها السنوية للجنوب. بالنسبة للبعض فان طائر البلشون رمز للجمال في مدينة مشهورة بناطحات السحاب اللامعة والابراج السكنية والشوارع المزدحمة.. لكن بالنسبة للآخرين فان الطيور البرية المهاجرة تحمل الموت. وعثر هذا الشهر على أحد طيور البلشون مصابا بعدوى انفلونزا الطيور ميتا قرب المحمية مما أثار من جديد مخاوف بشأن قدرة الطيور البرية على نشر المرض الذي قتل 32 شخصا في آسيا هذا العام وادى الى ابادة ملايين الطيور الداجنة. وبدأ الناس في السنوات الاخيرة ينظرون الى الطيور البرية باعتبارها حاضنة طبيعية لفيروس اتش 5ان1 المسبب لمرض انفلونزا الطيور القاتل والذي يحذر العلماء من أنه يمكن أن ينشر في العالم وباء الانفلونزا القادم ليقتل آلاف وربما ملايين البشر. لكن العلماء في هونج كونج يعيدون تقييم دور الطيور البرية ويقولون انها قد تنسب اليها شهرة سيئة لا تستحقها. ويقول خبراء ان بعض أنواع الطيور البرية حاملة طبيعية للمرض ولا تزال تشكل تهديدا لبقية العالم. لكن سلالة فيروس اتش5ان1 أصبحت شديدة الانتشار المعدي في مزارع الدواجن في آسيا بحيث لم تعد الطيور المهاجرة عاملا مهما. واجتاحت سلالة الفيروس انحاء كثيرة من آسيا هذا العام لتبيد الدجاج وتقتل 32 شخصا في تايلاتد وفيتنام. وحيثما أمكن تتبع مصادر العدوى وجد أن الضحايا مرتبطون باستمرار بالدجاج المصاب بعدوى انفلونزا الطيور وليس بالطيور البرية. قال مالك بييريس وهو عالم بارز في الاحياء الدقيقة المجهرية في جامعة هونج كونج: في الواقع الآن فان قدرا من انتشار العدوى الراهن هو انتشار على الارض بالمعنى الحرفي. الناس يتجولون حاملين معهم أقفاصا /بها طيور مصابة/ أو دجاج مصاب يأتي الى الاسواق ويتجه لانحاء أخرى من العالم ذلك هو نوع الانتشار الذي يحدث: واستطرد :أصبح لفيروس اتش5ان1 موطئ قدم في آسيا. لقد أصبح منتشرا الى حد لم نعد معه في حاجة لان تنشره الطيور البرية. ويوافق على هذا الرأي ليو يونج مدير محمية ماي بو الطبيعية.. وأضاف: حقيقة أنه كان هناك انتشار واسع النطاق لفيروس اتش5ان1 في جنوب شرق آسيا هذا الصيف وهو ليس موسم انتقال الطيور المهاجرة ترجح أكثر أن يكون الفيروس تحول الى وباء بالفعل في قطاع الدجاج ولم تعد هناك حاجة لطيور برية لتنقل الفيروس الى جنوب شرق آسيا ومن بين عينات براز ودم أكثر من ألفين من الطيور البرية أخذت هذا العام في هونج كونج وجد أن اثنين فقط مصابان بفيروس اتش5ان1. قال يونج: اذا كان هناك خطر لانتشار الوباء على مستوى العالم فمن المحتمل ألا يكون بسبب الطيور البرية. ومحمية ماي بو الطبيعية التي تقع على مساحة 3750 فدانا سكن رئيسي لاكثر من ثلاثمئة نوع من الطيور البرية التي تفر من الشتاء القارص في مواطنها في شمال الصين ومنغوليا وسيبيريا الى مناطق أكثر دفئا في جنوب شرق آسيا واستراليا. ويؤكد الخبراء أهمية حماية الطيور الداجنة من الطيور البرية وان أقروا بأن ذلك صعب للغاية.. وقال يونج: نظرا لان بعض الطيور البرية ربما تكون حاملة لفيروس اتش5ان1 هناك دائما خطر مؤكد بأن الفيروس قد ينتقل للدجاج وأضاف: ربما يكون وضع حواجز على عنابر الدجاج وسيلة لتقليل الخطر. لكن في انحاء كثيرة من آسيا لا يكون الدجاج على الدوام في عنابر. وربما يكون طليقا خصوصا في الصينوجنوب شرق آسيا ومن ثم يكون من الصعب السيطرة. ورغم أن حكومات المنطقة قتلت عشرات الملايين من الطيور في محاولة لاحتواء ذلك النوع من الانفلونزا ثبت أن الفيروس قوي بدرجة كبيرة وعاد للظهور مرات عديدة. قال بييريس: لدينا شيء ما منتشر جغرافيا الى حد أن... عزله لن يكون ممكنا ونشأ مرضا التهاب الجهاز التنفسي الحاد (سارز) وانفلونزا الطيور في الحيوانات التي كانت بمثابة حاملة للفيروس ولا تظهر عليها عادة أعراض المرض. لكن فيروس اتش5ان1 المسبب لانفلونزا الطيور أشد فتكا بالبشر بكثير وقتل أكثر من ثلث ضحاياه. وظهر في البشر لاول مرة في هونج كونج في عام 1997 عندما قتل ستة أشخاص. ولا يعرف أحد كيف انتقل من الطيور الى الانسان. ويشتبه العلماء في وجود حالات لانتقال العدوى من انسان لانسان في هونج كونج وتايلاند لكن ذلك لم يتأكد أبدا. وتخشى الجماعة العلمية من أن يتطور فيروس انفلونزا الطيور اذا منح الوقت الكافي لينتقل من انسان لانسان بالطريقة التي انتقل بها فيروس سارز في عام 2003. وتعبيرا عن القلق من انتشار فيروس اتش5ان1 القاتل حثت منظمة الصحة العالمية الحكومات هذا الشهر على تخصيص أموال لمنتجي الدواء لتطوير أمصال مضادة لوباء مخيف. ويقول علماء ان الانتشار الوبائي الكبير للانفلونزا يحصل مرة كل 30 عاما أو 35 عاما. وكان أشدها فتكا في القرن الماضي وباء الانفلونزا الاسبانية فيما بين عامي 1918 و1919 الذي قتل ما بين 20 مليونا و50 مليونا في انحاء العالم. ومصدر هذه السلالة الفيروسية غير معروف بدقة لكن يعتقد أنه كان الطيور البرية. ويعتقد أن منشأ الفيروس المتسبب في أحدث انتشار كبير للانفلونزا وهو انفلونزا هونج كونج الوبائية في عام 1968 كان في طيور مائية برية مثل البط. ونظرا لان سارز واتش5ان1 اكتشفا لاول مرة في جنوبالصين فمن المفهوم أن تشعر بكين بالقلق. ووافقت مؤخرا على خطة لانشاء معمل حكومي في هونج كونج هو الاول من نوعه لدراسة الامراض المعدية الجديدة. قال يوين كوك يونج كبير علماء الاحياء الدقيقة في هونج كونج: الكثير جدا من الامراض اكتشف لاول مرة في هونج كونج لان هونج كونج وجنوبالصين الاكثر كثافة... على مستوى البشر والحيوانات. انهما على مقربة شديدة من بعضهما ومضى يقول: لدينا ثقافة فريدة في الاكل. نحب اللحوم الطازجة ونبيع الدجاج الحي في الاسواق وكل هذا يجعلنا في موقع مهم لدراسة الامراض المعدية.