قال مسؤولون في مراكز صحية في الفلوجة ان المدينة تعاني من نقص في المياه والكهرباء والمواد الطبية الخاصة بالعمليات الجراحية، في الوقت الذي سقط فيه 12 قتيلا من سكان المدينة في قصف أمس النهاري. واوضح الطبيب هاشم العيساوي الذي يعمل في مركز صحي شعبي: جميع الجراحين في المدينة موجودون في المستشفى العام وليس باستطاعتهم العودة الى المدينة كما تمت مصادرة سيارات الاسعاف ونعاني من نقص في المواد الطبية. واضاف يقول لمراسل (الفرنسية): غالبية الجرحى اصيبوا في البطن وهم بحاجة لاجراء عمليات جراحية لكن لا يوجد جراحون.. والاختصاصي الوحيد في المركز طبيب عظام لا يتدخل الا في حالات الاصابات الخطرة. كما ان الاتصالات صعبة وشبكة الهاتف تعمل بتقطع. أما المركز الصحي التابع لمسجد الحضرة المحمدية الواقع في وسط المدينة فان حظه افضل لانه ما زال يحتفط بسيارتي اسعاف لنقل الجرحى، وفقا لاحد المسؤولين. وهناك مركزان صحيان آخران هما مستشفى طالب الجنابي الذي لا يمكن الوصول اليه بسبب موقعه القريب من الجيش الامريكي على المدخل الشرقي للمدينة اما الثاني الذي تم تشييده بتمويل بحريني فانه لم يفتتح بعد. وعلى شاطيء البحيرة في الطريق بين النهر ومدينة الفلوجة المحاصرة يقع منتجع مكتظ بالرواد بيد أن الاطفال الذين يمرحون على مروج وشواطئ الحبانية السياحية ليسوا هناك لقضاء عطلة، إنهم هنا لانهم اضطروا للفرار من منازلهم. وقال كارم الدليمي المسؤول بالمنتجع ان ادارة المدينة السياحية وفرت أماكن لاقامة 300 أسرة وخياما تستضيف 150 أسرة من أولئك الذين فروا من الفلوجة. وأحضرت مؤسسات خيرية طعاما وملابس للاجئين الذين لا يعرفون ماذا سيجدون عندما يعودون الى ديارهم بعد أن تضع الحرب أوزارها. وتوجهت أسر أخرى الى بغداد حيث استقرت في المنازل التي لم تستكمل بحي الغزالية في الجانب الغربي من العاصمة. والآن لم يعد بمقدور السكان الذين بقوا في الفلوجة الا أن يحملوا الجرحى والمشرفين على الموت الى مستوصفات تفتقر الى الموارد اللازمة لعلاج المصابين من جراء القصف الجوي والبري والاشتباكات بين المسلحين وبين القوات الامريكيةوالعراقية. وغادر أكثر من نصف أهالي الفلوجة البالغ عددهم 300 ألف نسمة ومن بينهم أغلب النساء والاطفال المدينة التي تقع على بعد 50 كيلومترا غربي بغداد. وكانت القوات الامريكية قد ألقت منشورات على المدينة السنية الاسبوع الماضي تحث المدنيين على مغادرة المدينة من أجل سلامتهم. وأثبتت الفلوجة التي تسمى بمدينة المآذن بأنها قلعة للمقاومة منذ نيسان ابريل الماضي في حين يعتبرها الجيش الأمريكي بأنها مأوى للارهاب تستضيف فضيل الخلايلة (أبو مصعب الزرقاوي) المطلوب الأول في العراق. ومنذ حزيران يونيو الماضي، يشن الطيران الامريكي غارات شبه يومية في الليل خصوصا على المدينة اسفرت عن مقتل ما لايقل عن 200 شخص وتهديم عشرات المنازل. وتؤكد المستشفيات سقوط عدد كبير من القتلى في صفوف الاطفال والنساء لكن الجيش الامريكي يقول ان القتلى من المسلحين الاسلاميين ويسميهم بالمتمردين. وبعد فشل الهجوم الامريكي في نيسان ابريل الماضي على المدينة البالغ عدد سكانها حوالى 200 الف نسمة، اختار الجيش الامريكي سياسة (اليد الممدودة) طالبا من عناصر الجيش في نظام صدام حسين، اعداء الامس، تشكيل لواء الفلوجة لفرض النظام فيها. وقد شن الجيش الامريكي العملية بعد مقتل اربعة امريكيين موظفين في شركة امن خاصة في المدينة اواخر اذار مارس الماضي. لكن هذه السياسة لم تحقق شيئا لان المسلحين ازاحوا لواء الفلوجة جانبا في حين التحق عدد من عناصر اللواء بالمسلحين. كما فشلت المحاولات الامريكية للانفتاح تجاه زعماء العشائر في المدينة بسبب تجذر التقاليد القبلية خصوصا مع اعتبار الامريكيين كفارا ومحتلين. وادت عملية قمع القوات الامريكية تظاهرة قادها رجل دين في الفلوجة اثر سقوط بغداد في نيسان ابريل 2003 ومقتل 17 من المشاركين فيها الى تسميم العلاقات بين الطرفين. وتحولت الفلوجة مع مرور الايام الى جيب يتمتع بحكم ذاتي يطبق الشريعة الاسلامية ويحكمه مجلس شورى المجاهدين، وهو جماعة من رجال الدين المتشددين بزعامة الشيخ عبد الله الجنابي. وفرض المجلس الذي يحاول حل الخلافات عبر التسويات بين الفصائل المتعددة، يقدر عددها بحوالى 18 مجموعة، تطبيقا صارما للشريعة بهدف منع الانحلال الاخلاقي والجلد العلني لمن يشرب الكحول. عراقي يحمل كل ما يملك باحثا عن مكان آمن الفرار من الفلوجة