لاشك أن عموم الظاهرة ليس برهاناً على صوابها! والعادات السائدة في المجتمعات لا تحمل كلها صكوك الغفران! لم نزل مع تعاقب السنوات نواصل إساءاتنا لشهر رمضان الخير والطاعة بدءأ من سعارنا الغذائي ( المخجل) الذي يدهمنا قبله بشهر فيوحي لمن يرقب (تكديسنا ) للأطعمة ..أننا على وشك خوض سنيِن كسني ّيوسف العجاف! ثم معاقرتنا بحلوله لشاشات لا تحوي غير السخف والفوضى الأخلاقية في هيئة برامج أو مسلسلات ! ثم نزيد طيننا بلّة ونكسة..! بمعاملتنا للعبادات فيه على أنها ( طقوس) يؤديها الجسد في حركة روتينية لا علاقة لها بالقلب ! فنقرأ القرآن لا يجاوز حناجرنا ! وننهي الركعات سراعا كي لاتفوتنا توافهنا! لا أظن أن أمة في الكون أو ديانة ما تسيء لموسم ديني لديها كما نسيء نحن لروح رمضان وأنفاس رمضان! وبنظرة واحدة لما تحويه وسائل الإعلام مقروءة ومرئية ومسموعة ..وما نتبادله نحن من حوارات وأحاديث..تنبيك أننا حولناه لشهر لهو وعبث وتنافس في الارتكاس وكثير من تجهم وكسل وشيء من وصفات وطبخات وبما ذا يشتهر الشعب الفلاني بأكله دون ذاك!بل إن ( الفوازير والمسابقات) صارت معلماً للشهر كما الهلال! وكأننا لا نذكر أن لدينا (عقولاً )تفكر وتحتار إلا في هذا الشهر......! بورك الاكتشاف! بحق نحن بحاجة لانقلاب اجتماعي! على جميع موروثاتنا الفكرية والسلوكية الخاطئة التي نمارسها في هذا الشهر ، قد يأخذ هذا التصحيح منا جهداً ومجاهدة..لكنه سيتحقق بالتواتر والإصرار والتعاون في إعادة المعاني الرمضانية (الأصيلة) إلى واقعنا بشكل يفوق مرحلة ( الخطب والمواعظ والمطويات )! وإن نكن جادين في الانضواء تحت راية هذا الانقلاب.. فليس علينا سوى أن نحفظ (للصيام) معناه الحقيقي..كصيام يحد الشهوة ويضبط السلوك طوال اليوم وليس بضع ساعات فقط ، بحيث نحقق (تقليصاًَ) في عدد أصناف الطعام سواء على مستوى الإعداد أو على مستوى الالتهام! كما نستطيع أن نسجل نتائج متقدمة في ثلاثية ( الفرد والأسرة والمجتمع ) إذا وصلناها بثلاثية(الرحمة والمغفرة والعتق من النار) في جو من ارتقاء وتواد وتكافل، وباستطاعتنا - إن عزمنا -أن نقفل باب جميع (الفضائيات) ونفتح باب (فضاء واحد) فقط ! تعرج فيه الروح المدنفة لخالقها بعيدا عن أوحال الأرض ! رمضان..مدرسة للصبر والنصر ..تفتح في العام مرة واحدة !وعلى مدار ثلاثين يوماً تعرض فصول التزكية والتسامي وتنقية الذات , بمقدورنا أن نجعل منها نقطة تحول للأفضل في مناحي حياتنا.. هذا إذا لم نكن مجرد طلاب كسالى! نزداد بتوالي الدروس جهلاً وتبلداً وعجزاً! فنعجز أن نضبط شهيتنا ونتهاون في ترشيد سلوكياتنا ونجهل كيف نستفيد من أوقاتنا!وإن كان أجدادنا الأوائل يخوضون فيه الغزوات ويحققون الانتصارات.. فهل نستسلم نحن فيه لهزيمة لقمة وحلقة ونوم وسهرات ؟! أياً كان حالنا..هي أيام قلائل وتقفل أبواب هذه المدرسة المباركة.. لتعلن النتائج في الملأ الأعلى !..و الخوف أن تكون.....( لم ينجح أحد ) !