منذ تأسيس الدولة السعودية الحديثة قبل قرن من الزمان على يد المغفور له - باذن الله - الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، وضعت الأسس والقواعد الثابتة والراسخة التي سيقوم عليها بناء الوطن وتطوره في ظل راية الإسلام والتوحيد. ولقد تميزت عهود ابناء عبدالعزيز الأبرار الذين تولوا زمام الحكم من بعده بالثبات على النهج، والتزموا بالعهد على استكمال المسيرة على نفس الأسس والقواعد التي وضعها المؤسس الأول لهذا الكيان، فظل هذا البناء يعلو ويرتفع مرحلة بعد أخرى، وعهدا بعد عهد. واليوم نحن نعيش عهد الفهد المفدى الذي تولى زمام الأمور، وقاد المسيرة منذ ثلاثة وعشرين عاما بحكمة فائقة، ونظرة ثاقبة، وحسن تدبر وتدبير، واستقراء لكل ما يحيط بنا محليا وعربيا وإقليميا ودوليا، فاستطاع ان ينأى بهذا الوطن عن دروب التيه والانشغال التي تعطل مسيرته، وتثبط من عزيمته وهمته، وانطلق بنا نحو آفاق التقدم والارتقاء، مع الثبات على المبادىء والقيم الدينية، فحقق لهذا الوطن ما لم نكن نحلم به، أو نتوقعه في عقود عديدة. والحديث عن المنجزات في عهده الزاهر يشمل كل مناحي الحياة: الصناعة والزراعة والتجارة والصحة والتعليم والعمران والمواصلات والاتصالات والبلديات وكل الخدمات الأخرى، وانتشر الأمن والأمان، وعم الخير والرخاء في كل شبر على أرضنا المباركة. ولا يمكننا الحديث عن المنجزات في عهده الميمون بأسلوب حصري، لأن هذا الأمر شرحه يطول، فنأخذ بما هو مستطاع، ونركز على ذكر أبرز المنجزات. ففي عهده الميمون تمت أضخم توسعة للحرمين الشريفين بمكة المكرمة والمدينة المنورة، وكان ذلك حلمه ومبتغاه حين قال - حفظه الله - ان ميزة هذا البلد تتجلى في خدمة الحرمين الشريفين، ورعاية الحجاج والزوار والمعتمرين لبيت الله الحرام، ومسجد رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، ومن هنا طلب ان يلقب بخادم الحرمين الشريفين عن حب وقناعة وإيمان بأن ذلك شرف عظيم لمن يحظى به. وتم إنشاء مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بلغات عديدة، وتوزيعه على المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، ليسهل على المسلمين حفظه وتلاوته وتدبره بما يعود على أمة الإسلام بالخير والرشاد. ونال المواطن السعودي في عهده، كل الرعاية والعناية والاهتمام، فأكد - رعاه الله - على ان الانسان السعودي هو محور التنمية والمستفيد الاول منها وهو الوسيلة والغاية، فأصبح المواطن عنصرا فاعلا في التنمية، وليس متلقيا لها فقط، واحتل تأهيل وتنمية الشباب السعودي قدرا وافرا من اهتمامه. وتحقق الأمن والأمان والاستقرار والرخاء الذي يعيشه كل مواطن ومقيم على هذه الأرض، نتيجة تمسك قيادتنا بتعاليم الاسلام وقيمه وتطبيقه في كل صغيرة وكبيرة في حياتنا. نهج - رعاه الله - سياسة الباب المفتوح التي رسمها المؤسس الاول لهذا الكيان، وشدد على اتباعها من قبل جميع المسئولين في الدولة، لحل كل مشاكل المواطنين وتلبية احتياجاتهم. واتيحت فرص الانطلاق والتطوير للقطاع الاقتصادي في ظل التنمية والخدمات العديدة، واتيحت له الفرصة للمشاركة في التنمية الشاملة وتنويع مصادر الدخل. في عهده الميمون صدر نظام الحكم والمناطق والوزراء والدرجات الممتازة وتم تشكيل مجلس الشورى ومجالس المناطق والمجلس الاقتصادي الأعلى والهيئة العليا للسياحة، والهيئة العامة للاستثمار، والمجلس الأعلى للبترول، وقريبا ستجرى - بإذن الله - الانتخابات البلدية لانتخاب نصف اعضاء المجالس البلدية، وهذه كلها علامات بارزة على طريق التطور والنهوض لهذا الوطن. ومن ابرز المنجزات على الساحة الاقليمية موقف قائدنا المفدى الحاسم والجازم في مواجهة الاعتداء على دولة الكويت الشقيقة، مما جنب الوطن والمنطقة السقوط في منعطف خطير. وحملت هذه القيادة هموم أمتها العربية والإسلامية، واعتبرت القضية الفلسطينية محورا أساسيا في السياسة السعودية، وبذلت كل الجهود لمؤازرة حق الشعب الفلسطيني في العودة الى وطنه، وتقرير مصيره، واقامة دولته المستقلة على أساس الشرعية الدولية، وناصرت كل قضايا العدل والإنسانية في العالم، فتبوأ هذا الوطن مكانته المرموقة على الساحات العربية والاسلامية والدولية. وإننا - ونحن نعيش هذه الذكريات المجيدة والمباركة - فإننا نتوجه الى الله عزوجل بالدعاء ان يحفظ قائدنا المفدى خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين، وسمو النائب الثاني، وأن يعينهم على تحمل أعباء المستقبل، وأن يكلل جهودهم وأعمالهم بالخير والتوفيق. * أمين مدينة الدمام