أكد الملك عبد العزيز رحمه الله صراحة أن قيام دولة في الجزيرة العربية على أسس حديثة بما تتطلبه ظروف القرن العشرين من مكتسبات إنسانية غاية في التطور، لا تتعارض بشكل قطعي مع مبادئ الشريعة الإسلامية التي تتبناها، وبالتالي فإنه يرى أن قيام هذا الكيان يعتبر نقله حضارية رائدة في التاريخ المعاصر ليس العالم العربي فحسب بل وللعالم الإسلامي ككل ففي خطاب ألقاه الملك عبد العزيز رحمه الله في الطائف في 24 مايو 1932م أكد على أن:- " الأمور العصرية التي تعيننا وتفيدنا ويبيحها دين الإسلام فنحن نأخذها ونعمل بها ونسعى في تعميمها أما المنافي للاسلام فإننا نبذه ونسعى جهدنا مقاومته لأنه لا طاعة للمخلوق في معصية الخالق ولا مدنية أفضل وأحسن من مدنية الإسلام ولا عز لنا إلا بالتمسك به" يتضح مما سبق أن السعودية دولة محافظة ذات نزعة عقائدية إسلامية تسعى لنشرها والدفاع عنها في كل أرجاء العالم عن طريق تبني وسائل سلمية تتمشى مع روح العصر مع الدولة الإسلامية. لقد ركزت السياسة السعودية منذ أيام الملك عبد العزيز إلى عهد خادم الحرمين الشريفين في تفاعلها الخارجي على خدمة انتمائها القريب إلى العالم العربي الذي يعتبر عنصر جذب من الناحية القومية الجيوبولتيكيه، علاوة على انتمائها القريب جداً إلى مجموعة دول الخليج العربية الذي يشكل عاملاً هاماً بالنسبة لأمنها وسلامة نظامها السياسي، فبهذا ندرك أن المملكة سياستها الخارجية ذات أبعاد واقعية متزنة في علاقاتها بالدول العربية والإسلامية وقضاياها فالملك عبد العزيز أرسى القواعد الأساسية في سياسة المملكة الخارجية واتبع ذلك وواصل المسيرة أبناؤه، فالملك سعود يرحمه الله- عمل بجد وإخلاص لتطوير علاقة المملكة مع الدول العربية والإسلامية وخاصة الخليجية محققاً بذلك تطورات إيجابية مهمة نحو الأفضل أكدتها المملكة بمواقفها العلنية نحو صيانة واستقرار دول مجلس التعاون الخليجي حيث كان موقف الملك سعود رحمه الله- حاسماً وقوياً تجاه ما يضر المصالح الخليجية وشعوبها، متمثلاً ذلك في موقف المملكة الأقوى عربياً ودولياً عندما أعلن الرئيس العراقي الأسبق عبد الكريم قاسم عزمه على ضم الكويت للعراق في 26 يناير عام 1961م، ثم جاءت حقبة الملك فيصل الذي سار على نفس النهج الذي وضع أساسه مؤسس وموحد المملكة الملك عبد العزيز حيث أكد الملك فيصل على تصفية جميع الخلافات مع دول الجوار وخاصة الحدودية وعمل على إنهائها بطرق سلمية وأخوية حتى لا تكون سبباً لجر المنطقة إلى ويلات الصراعات، كذلك الملك فيصل برز كزعيم ذى أهمية كبيرة ليس فقط على المستوى الإقليمي وإنما على المستوى الدولي حيث إنه وقف بوجه إيران لضم البحرين لها وساعد بشكل كبير على إقناع طهران بالعدول عن مطالبها بالبحرين وقبول الاستفتاء الذي يتجه باستقلال البحرين، وبعد ذلك دعم تلك التوجيهات بشكل متواصل الملك خالد حيث عمل وحث على التعاون الأمني والاقتصادي بين دول المنطقة وكان أولها اتفاقية وكالة الأنباء الخليجية في شهر يناير من عام 1976م وبعد ذلك أتت حقبة خادم الحرمين الشريفين الذي دعم وثبت الأسس الخارجية لسياسة المملكة الذي كانت له مواقف مشرفة تجاه القضايا العربية والإقليمية والدور البارز له في تلك القضايا، حيث لا ننسى دوره في قضية الأمة الإسلامية بشكل عام وقضية المملكة بشكل خاص ألا وهي القضية الفلسطينية التي نالت منه جهداً كبيراً على الصعيدين العربي والدولي حيث أنه قدم مبادرة (مشروع الملك فهد للسلام) ومبادرة السعودية عرفت فيما بعد بمشروع (السلام العربي) بعد أن تبناها وأقرها مؤتمر القمة العربي الذي عقد في مدينة فاس المغربية (20 ذي القعدة 1402ه / 9 أيلول سبتمبر عام 1982م) يحدد المشروع ثمانية أسس للسلام في المنطقة لإيجاد سلام عادل دائم في منطقة الشرق الأوسط كذلك دعم الفهد للشعب الفلسطيني على الصعيدين الإنساني والاقتصادي وما يقدم لهم من معونات كبيرة لهم، كذلك لا ننسى دور الفهد في قضية الكويت في عام 1990م عند الغزو العراقي للكويت التي استنفذت المملكة جميع الجهود الدبلوماسية لحل الأزمة حيث إن المملكة شاركت بشكل فاعل في إطار الجامعة العربية في جميع دوراتها حيث إن المملكة أصرت وبشكل فوري على أنسحاب القوات العراقية الغازية من الكويت وإرجاع السيادة كاملة للشعب الكويتي، وكذلك ما قدمه الملك فهد للشعب الكويتي من مساعدات في جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية حيث أصبح الشعب الكويتي في وقت الغزو أخا للشعب السعودي الذي شاركه محنته وظل الفهد يعمل دؤوبا لحل هذه القضية إلى أن انتهت لصالح الحق وإرجاع الحقوق إلى أصحابها الأصليين، والكويت إلى الآن لا تنسى الدور الكبير الذي قدمه خادم الحرمين الشريفين ومازال يقدم إلى الآن. @ منال الصالح