لاشك أن من أعظم نعم الله سبحانه وتعالى على البشرية هو هذا الكتاب العظيم، وكلام الله الذي نزل على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ففيه هدى ورحمة وشفاء للأنفس وسط التساؤلات الكبرى التي يجد الإنسان نفسه وسطها وتحيره وتجعله يشعر بالتيه والضياع. ولاشك أنه من أعظم النعم على أولئك الذين حفظوه أو حفظوا أجزاء منه عن ظهر قلب ففي هذا الطمأنية لأنفسهم في الدنيا والفوز والأجر العظيم لهم ولوالديهم في الآخرة. ولاشك أن هذه الدولة المباركة برعايتهما لمسابقات تحفيظ القرآن الكريم ومنها هذه المسابقة الدولية الكبرى، تشجع بذلك على الحفظ والتجويد والتفسير، ويطالها وقادتها ومسئوليها الأجر والثواب إن شاء الله. لاشك أننا في هذا العصر المادي بحاجة دائماً إلى ما يذكرنا بما وراء المادي، فالعلم الحديث لا يعترف بما وراء هذا العالم المادي والحياة الدنيا ويركز الجهود على ترقية هذه الحياة فقط يقول الله تعالى: ( يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون) " الروم7" لقد توصلت الحضارة الحديثة من خلال تركيزها على دراسة العالم المادي إلى اكتشافات ضخمة وحققت تطورات مادية عظيمة ولكنها لم تحقق السعادة للإنسان الذي لازال يعاني من الحيرة والتساؤلات ولابد أن تؤدي هذه الاكتشافات الضخمة التي توصل إليها الإنسان من خلال العالم المادي إلى الاعتراف بالعصر. على الإحاطة بهذا الكون الواسع بما فيه من بشر وأرض وسماوت ونجوم وكواكب وما اشتمل عليه البر والبحر والفضاء أن ما تعلمه الإنسان عبر تاريخه لا يبلغ قطرة في بحر من علم الله جل وعلا ( ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله) " لقمان:27" فلو تحولت كل أشجار الأرض إلى أقلام وكل بحار الأرض إلى مداد وكتبنا فيها محاولين الإحاطة بكل نواحي الحياة والكون ما بلغنا شيئاً من علم الله. إن هذه التية والإعجاب بما وصل إليه العلم البشري والتعلق بالماديات وإنكار كل ما وراءها هو ضيق فكر وقصر نظر لذلك كان لابد من نزول الوحي وإرسال الرسل ليخبروا الناس وينبههم إلى ما وراء الماديات ( قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا، قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلى أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً) " الكهف:110" إن هذا الإيمان لا يمنع الإنسان من العمل والسعي والبحث في العالم المادي ولكنه يجعله في سعيه وبحثه مطمئناً وسعيداً لا لاهثاً وشقياً. أسأل الله الكريم أن يجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا وذهاب همومنا وغمومنا وجلاء حزننا ونور أبصارنا، وأن يرزقنا النصر والتمكين في الدنيا والأجر والثواب في الآخرة. د/ عبد الله بن فهد اللحيدان وكيل الوزارة المساعد للشؤون الإسلامية