إن السعادة في المفهوم الإسلامي ليست قاصرة على الجانب المادي فقط ، وإن كانت الماديات من الأسباب التي تحقق جزءا من السعادة . و لذلك كانت السعادة الحقيقية في الجانب المعنوي فقد شرع الإسلام الأحكام و الواجبات التي تكفل للإنسان سعادته في الحياة الدنيا , و أخبر أن هذه الحياة الدنيا فانية , و هي متقلبة في أطوارها فيها الخير و الشر, و الفرح و الحزن , و السعادة و الشقاء , و الفقر و الغنى , و هي ممر إلى الآخرة ، وأن الحياة الحقيقية التي يجب أن يحرص عليها الإنسان , و يعمل من أجلها كل خير هي الآخرة , قال تعالى : ( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ) 97 , النحل , فبها السعادة الطيبة الخالدة ، إن كان العمل في الدنيا صالحا , و العمل الصالح الذي يحقق السعادة للمسلم أنواعه كثيرة : أعظمها الإيمان بالله تعالى , فهو يجعل المسلم مطمئن القلب شاكرا في السراء , صابرا في الضراء , راضيا بأقدار الله و القضاء, و يعيش حياته في طاعة الله , و خدمة نفسه , و الناس بعيدا عن الذاتية , و يعلم المسلم أنه مبتلى في الدنيا بأمراض الأبدان أو القلوب , فيزداد إيمانه بالله و يصبر و يلتجئ إلى الله , فيكون متماسكا أمام الأمراض النفسية , و منها : الحرص على الإكثار من ذكر الله تعالى , فبه تطمئن القلوب , و تنشرح الصدور , قال تعالى : ( الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ) 28,الرعد , و منها : التحلي بالأخلاق الكريمة مع الناس ,و التي تجعله محبوبا من الله و من خلقه , و لأهمية الخلق أثني الله على رسوله , قال تعالى : ( وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) 4, القلم , ومنها : الاهتمام بالجانب الديني والجانب الصحي النفسي و العضوي و الاجتماعي و الرياضي , و كذلك السعي في الأرض لتوفير المال المناسب , كي يستطيع المسلم أن يؤدي حقوق الله و الواجبات الأخرى , و هو في سعادة . و الشاعر يقول: ولست أرى السعادة جمع مال... ولكن التقي هو السعيد