ليس من المستغرب أن يظهر طفلك, من حين الى آخر, نمطا سلوكيا, قد يسبب لك قلقا شديدا, أو يشعرك بالعجز وانعدام الحيلة, وقد تختلط الأمور عليك, ولا تعودين قادرة على الأمور عليك.ولا تعودين قادرة على تمييز ما هو آني عابر , من هذا السلوك , وما هو متأصل في طبيعة طفلك وتكوينه النفسي. نستعرض معا ثلاثة من الأنماط السلوكية, الأكثر شيوعا وسط الأطفال, ولنر ما اذا كان الأمر يستدعي القلق وانشغال البال. النمط المتمرد: نموذج الشكوى: طفلي وعمره(ثلاث سنوات) لا يصغي أبدا الى ما أقوله فأنا أكرر كلامي على مسامعه, دون جدوى , حتى أصبح من الطبيعي ان يبدي العصيان والتذمر, تجاه أي شيء صادر عني ولو كانت لديه أساسا, الرغبة في تنفيذ مطالبي. وصف الحالة: ما ان ينطق كلمته السحرية (كلا) حتى ينقاد للتشبث بموقفه, من دون ترك أي مجال للتراجع , فهذه الكلمة تولد لديه موقفا سلبيا رافضا كل شيء. كيفية المساعدة: أفسحي المجال أمامه, قدر الإمكان, كي يتخذ قراراته بنفسه, كأن يختار الملابس, التي سيرتديها وينتقي الأطعمة التي ستتألف منها وجبته الصباحية.. الخ ترددي في كيل المدح له, كلما اظهر قدرا من التعاون اكبر من المعتاد, حددي له بوضوح ما هو مقبول وما غير مقبول, ساعديه للإفصاح عن مشاعره الحقيقية, لا سيما عندما تساوره شكوك, حول نظرة الاخرين , تجاه قدراته قد يكون التأنيب او حجب بعض الامتيازات عنه, من الأساليب العقابية النافعة في بعض الأحيان, لا تيأسي أبدا لأنه مع نمو طفلك سيقل عدد المرات التي سينوي فيها متحديا كل ما حوله. مرحلة الخطر: اذا كان طفلك يتمتع بشخصية ودود ومتعاونة, ثم ينقلب فجأة الى النمط المتجهم , فلابد حينئذ من البحث عن سر هذا التحول المباغت, لأن معالجته ستعيد الأمور الى نصابها , يجب التأكد مما إذا كان سلوك طفلك موجها ضدك حصرا أم انه يشمل البالغين الآخرين أيضا, وهل هو فوضوي وصعب التحكم في المدرسة أو خارجها؟ النمط دائم الحركة نموذج الشكوى: ابني البالغ من العمر خمس سنوات، لا يمكن له أن يثبت في مكان واحد، من دون حراك، ولو برهة وجيزة، بل حتى عند تناول العشاء، لا يستطيع الجلوس بهدوء، فيتحرك يمنة ويسره، ويتسلل مبتعداً عني، كلما سنحت لي الفرصة. وصف الحالة: تعد الحركة والحيوية، من متطلبات النمو الأساسية عند الطفل، في مرحلة ما قبل المدرسة خاصة فهو في أشد الحاجة إلى استكشاف محيطه، والتعرف إلى خصائص جسمه. لذلك تسجل مستويات النشاط ارتفاعا ملحوظاً في عمر 2 إلى 3 سنوات ومع تطور جهازه العصبي، تخف لدى الطفل، حدة التململ والنرفزة والعصبية. كيفية المساعدة : وفري له منافذ لصرف الطاقة، مثل زيارة مدينة الألعاب أو القيام برحلات في كنف الطبيعة تجنبي الأماكن التي تزيد من حدة نشاطه، خاصة تلك المكتظة بالزوار، أو المارة. مرحلة الخطر: إذا كان طفلك يحقق تطوراً، على المستويين التعليمي والاجتماعي فلا ضير من حمل بعض تبعات نشاطه المتزايدة، ولكن إذا تبين أنه لا يحقق أي تطور، وهو في الوقت نفسه يبدو بالغ التهور، وعديم التركيز، وغير عابىء بكل ما حوله، يجب قصد الطبيب المختص من دون تردد. النمط الخجول المنكمش نموذج الشكوى: ابني البالغ من العمر ثماني سنوات خجول إلى درجة تصدق، ونادراً ما يرفع من نبره صوته . وصف الحالة: يحتاج بعض الأطفال إلى مدة أطول من غيرهم، للتأقلم مع الأوضاع الجديدة، التي يوجدون فيها. فهم من النمط الذي يحاول فهم محيطه، قبل محاولة الاندماج فيه، الميل نحو الخجل، عادة ما يكون فطرياً لديهم، ولا يتغير طوال مرحلة الطفولة، فقد دلت الدراسة على أن ثلاثة أرباع الأطفال، ذوي النمط الخجول، قد احتفظوا بانطوائيتهم حتى مرحلة المراهقة، وما بعدها. كيفية المساعدة: الوسط العائلي، الذي يحترم مزاج الطفل الهادئ ويمنحه الفرصة، للمضي في وتيرته الخاصة، من أهم العوامل التي تهيئ الطفل، للتغلب على الخجل، فلا تنتقدي تصرفات طفلك الخجولة، ولا ترغميه على القيام بأشياء، لا يرغب هو فيها أو يرتاح لها، كأن يبقى في البيت بحرارة. حاولي تشجيعه على الانضمام إلى بعض الأنشطة الخارجية، وعندئذ سيتعود على الوجود وسط عدد كبير من الأطفال. مرحلة الخطر : ستكونين مضطرة إلى طلب عون الاختصاصي، عندما تلاحظين عزوف ابنك عن الانخراط، في الأنشطة الاجتماعية كافة، بشكل قطعي، أو عندما لا يتفوه إلا بكلمات معدودة، خارج المنزل، ويبدي اعتراضا على ذهابه إلى المدرسة، وتظهر عليه أعراض الخمول والكسل، ويبدي امتعاضا من فكرة التقائه أقرانه، أو أقاربه من العمر نفسه. النمط العمراني: نماذج الشكوى :ابني عمره (3 سنوات) يتحول الى صبي عدواني في لمح البصر, فيهاجم الأطفال الآخرين في الحديقة العامة, ويعنفهم ويطرحهم أرضا, ولا يردعه أي عائق, في سبيل استحواذه على ألعابهم, كما لا يتردد في كيل الضربات لهم, كلما شعر بأنهم حجر عثرة أمام رغباته. وصف الحالة: يمكن ملاحظة العدوانية عند الاطفال الذكور , اكثر من الإناث, ولكن يجب التمييز بين العدوانية المتأصلة , وتلك التي تكون بمثابة رد فعل آني, ناجم عن الخوف أو الغضب, أو الحزن.. الخ. كيفية المساعدة: اوضحي لطفلك عدم تحملك سلوكه العدواني ولا تترددي في حرمانه من بعض المزايا, عندما يصر على موقفه, بدل أن تزجريه حاولي إفهامه ضرورة العزوف عن استعمال العنف, واهمية بناء جوانب أخرى في علاقته مع الآخرين, بعيدا عن دائرة العدوانية. مرحلة الخطر: العنف المسبب للأذى الجسدي المقصود, هو بمثابة الخط الأحمر, الذي يجب عدم إغفال خطورته, فالطفل الذي يقوم بهذا التصرف العدائي الفظ, يحتاج إلى معاينة طبيب الأمراض النفسية فورا.