لا تنطبق مقولة إشكالية وصعوبة قراءة اللوحة التشكيلية على اعمال الفنان التشكيلي حسن غنيم اذ ان قدرا كبيرا من الافكار والصياغات العامة التي صيغت بيد الفنان مأخوذة من (الحروفية العربية) التي يحتفي بها اللاشعور ويدركها العقل الباطن وكأنه وجه مألوف وحداثة معطرة بتراث روحاني لطيف، وهو بمثابة تراث مشرقي إسلامي يلونه بنظراته واضافاته، حيث الايقونة تسبح في عالم جمالي يواكب ازدواج الخفايا بين عمق الماضي وحداثة الآتي. بدأ حسن غنيم تجاربه مع الفن العربي المخروط والمنمنمات منذ بداية السبعينات فأقام المعارض الفردية الداخلية في مسقط رأسه بمدينة (دسوق) في دلتا مصر الى ان طافت بمعظم دول العالم، وشارك في المعارض الجماعية وحصل على الجوائز التي اكدت موهبته وثبتت جدارته في هذه الاتجاه الذي تخصص وبرع فيه واصبح سمة مميزة له، لقد اخلص لفنه ونجح للايصال تجربة منفردة اساسها الفن الاسلامي والخط العربي بالاضافة الى التكوينات الحروفية الممزوجة بتجريد هندسي زخرفي، فكشف من خلالها عن قدرة في التنويع والابتكار لحروف وتركيبات مألوفة. ويعتبر الفنان حسن غنيم فنانا عربيا اسلاميا بكل موروثاته الثقافية، وحضارته الموغلة في القدم، وامتدادا لفن متجذر في الفنون الاسلامية.. فن يعكس في نفوسنا الاحساس بعظمة الفنون العربية وتنويعها واصالتها، فن يؤكد على ضرورة الاهتمام والعناية بالزخرفة (الارابيسك) التي تعتمد في خصوصيتها على التناظر والتوازن والتكرار والمقابلة وامتداد الخطوط الصادرة من وحدة زخرفية واحدة، وهذه سمة تكاد تنفرد بها فنوننا العربية الاسلامية عن غيرها من فنون العالم، وهذا ما اكده حسن غنيم في جميع معارضه التي هي جمع مقنع وصحيح بين التراث والمعاصرة. وكان للنقاد رأي خاص اذ قال عنه الفنان الراحل بيكار:(يعطي عطاء جديدا بلغة تشكيلية مبتكرة ولهجة معاصرة ويسمح للضوء بأن يتخلل فجوات المشربية او (الشناشيل) البنية وينثره في لوحاته بحساب دقيق ومنهاج بارع وذكى). امام الفنان التجريدي صلاح طاهر فيقول عن حسن غنيم:(أنا أمام ولادة جديدة لاتجاه جديد في فننا المعاصر) ويحلل الناقد محمود بقشيش لوحاته قائلا:( لقد سجلت مرحلة الخط العربي مرحلة ملحوظة في نبض الفنان.. سواء من إمتلاك أدواته الفنية، او في قدرته على استنطاق حبات المشربية جوا وروحا لا صخب في اللون بل تقشف جميل، تنتشر غلالة شفافة تقلل من جاذبية العناصر الى الارض وتخفف من كتلتها نجد فيها الطمأنينة. وتجذبنا من هموم الواقع وتدعونا الى اللهفة الى المجهول ويشارك اللون الابيض بملامسه المختلفة في تأكيد هذا الجو. الدكتورة نعمات احمد فؤاد تحدثت عن لوحات حسن غنيم فقالت: (لانني احب الطموح الذي يقتحم العقبة لا طموح الازرار الذي يطمح اصحابه الى ما ليس لهم، فيحضر على نغمة - شبيك لبيك - ثم يتغنى الاتباع بالطموح اللبلابي الذي يتسلق الجدران.. الفنان حسن غنيم يهوى التعشيق بالخرط والمادة ممثلة في الخشب..). من أعمال غنيم