هل نفكر فيما سوف يكون عليه ابناؤنا في مستقبل حياتهم؟ وهل نحدد لهم هذا المستقبل وفق رغباتنا ووفق اهتماماتنا او ما نحلم به؟ من الطبيعي ان نفكر كآباء وأمهات في سعادة الابناء ونجاحهم في الحياة بيد ان الاحلام وحدها لا تكفي ولا تجدي المهم ان نمهد سبل النجاح امام اطفالنا الصغار فهذا امر نتركه جميعنا للصدفة وبخاصة في ظل تعقد الحياة وانشغال الأبوين، ونعول على المدرسة وحدها هذا الامر فالمدرسة بتلاميذها الكثيرين واوقاتها المحددة، وانعدام حصص النشاط تقريبا، ليست المكان الجيد لاكتشاف مواهب الطفل وتنميتها الا في حالات نادرة فكل ما تقدمه للطفل طائفة من المعلومات الجامدة فماذا نفعل؟ حملنا هذه الاسئلة لبعض الآباء والأمهات ومعها اسئلة اخرى عن مدى ملاحظة الاب والام للطفل حول ما يصدر منه فكانت هذه الاجابات؟ لا وقت لدى ام محمد مدرسة لديها اربعة اطفال (ثلاثة اولاد وبنت) تعجبت من الاسئلة وترددت في الاجابة وقالت بعفوية: في الحقيقة لم افكر في هذا الامر ولكنني اراقب تصرفاتهم احيانا من منطلق التقويم لا اكتشاف الموهبة كما ان وقتي لا يسمح بالجلوس معهم سوى لاداء الواجب المدرسي لمن هم في الدراسة وكذلك الأب. وبعد فترة وكأنها تفكر قالت: ربما يكون احدهم موهوبا في امر ما ولكن في الحقيقة سأحاول ان اتقصى ذلك. ابنتي تكذب حصة.م. في الاربعين تقرأ وتكتب ولا تعمل قالت: لدى خمسة اطفال منهم ثلاث بنات بينهن واحدة كثيرة الكلام تحكى لاخواتها واحيانا لي عن اشياء لم تحدث او حدثت ولكنها تبالغ في اول الامر ظننت انها تكذب ولكني لم الاحظ في حكايتها ضررا فهي تتخيل انها تحدث العصافير مثلا او انها ذهبت الى مكان بعيد وقابلت اطفالا ولعبت معهم العابا غريبة، او تتخيل حيوانات تطير.. وعندما ذهبت وحكيت للمشرفة في المدرسة اهتمت بالامر وبعدها اتصلت بي وقالت: لاتقلقي ابنتك طبيعية ولديها موهبة في الحكي وصدقيني اول مرة اسمع بذلك، ولا اكذب عليك فانا لم اهتم بالامر حتى الآن، ولم افكر في مستقبل ذلك مادام الامر طبيعيا. موهوب صغير رضوي. أ. جامعية مثقفة لديها طفل في الثانية من العمر ولأنها لا تعمل كما تقول جعلته شغلها الشاغل فهي تحاول ان تعلمه الحروف والارقام ولاحظت انه لا يهتم بالالعاب العادية كالسيارات والكور وغيرها وانما يهتم باللعب التي تحتاج الى الفك والتركيب والالوان وغيرها، فجمعت له منها مجموعة واكتشفت قدراته في هذا الجانب وبدأت بتنميتها وتقول رضوى انه حتى بدأ يراقبني في العمل على الكومبيوتر وهو يقوم وحده بفتح الجهاز والضغط على بعض الايقونات والاتصال بالانترنت ومعرفة بعض المواقع التي عرفته عليها وهي خاصة بالاطفال وتمنت ان تساعده في هذا الجانب واضافت: لولا انني لا اعمل وليس لدى سواه ربما لم انتبه الى موهبته. بالكاد نلقنهم عبدالله العتيبي مدرس في المرحلة الابتدائية ليس لديه اطفال ولذا كان سؤالنا له حول ملاحظته للاطفال ومدى تركيزه على الاذكياء والموهوبين منهم.. لكنه اجاب بصراحة قائلا: في الحقيقة لا وقت لذلك فمشاكلهم كثيرة ومحاولة تنظيمهم وتعليمهم وتلقينهم الدروس تأخرت زمنا طويلا.. فكيف نهتم او نفكر في ذلك في ظل مناهج عديدة واعداد غفيرة من الطلاب؟. أجابات متعددة الاجابات العديدة التي حصلنا عليها من فئات مختلفة اكدت اهمية استطلاعنا وبينت اننا بالفعل لا نلتفت الى قدرات اطفالنا او حتى تصورهم الا بعد فوات الاوان لذا توجهنا الى بعض التربويين المختصين لتوضيح مغاليق الامور فكانت هذه الاجابات المهمة. تقول الباحثة مها محمد اكاديمية تعمل في حقل الطفولة: لا احد يعرف الطفل حق المعرفة كما يعرفه الأب والأم ذلك ان شخصيته متشابكة تمتلىء بالاهتمامات الخاصة التي لا تظهر بوضوح الا في تعاملاته داخل المنزل.. والأم والأب خير من يقدر على اكتشاف هذه الشخصية فهما يعيشان معه ويراقبانه وبالتالي في امكانهما ان يكتشفا قدراته واهتماماته وينميانها. مستقبله الخاص ويقول الدكتور فاضل السعد اخصائي علم النفس باحدى المؤسسات التعليمية الخاصة: ان الطفل يجب ان يختار مهنته بنفسه فليس معنى ان يكون الاب طبيبا فاشلا ان لا يدرس الابن الطب وكذلك اذا كان ناجحا ان يفرض عليه دراسة الطب.. ان الابن مخلوق آخر له مواهبه الخاصة فلا تقف حجر عثرة في طريق نجاحه ودعه يختر طريقته فكل عمل له قيمته. ويؤكد ان الدراسات تدل على ان اغلب من يفشلون في اعمالهم لا يرجع فشلهم الى قلة الذكاء وانما يرجع الى نقص في شخصياتهم كفقد الثقة نتيجة ضغط الابوين او عدم اهتمامهما بموهبة الطفل.