تتحدث إليهم مرارا وتكرارا ولكنهم لا يصغون .. تحاول ان تشغل عقولهم او تبعد نظرهم المتعلق بشاشة الكمبيوتر ولو قليلا دون جدوى .. يقتربون من نقطة اللاوعي وهم منهمكون في صنع انتصارات وهمية ومحاولة قهر شخصيات مقزمة تظهر وتختفي بكبسة زر او بلغة التكنولوجيا بكبسة فأرة . هذه حال الكثير من أطفالنا هذه الايام وهم يحاولون قتل وقت فراغ العطلة الصيفية عن طريق ممارسة الألعاب الإلكترونية والجلوس امام شاشات الكمبيوتر والتلفزيون لساعات طويلة بمباركة منا وبدون ان نتذكر معا المخاطر الناجمة عن ذلك. ويبدو اننا ما زلنا نعتمد على الدراسات العالمية حول مدى هذه الأخطار كما هو اعتمادنا على الألعاب الإلكترونية المستوردة والتي تركز على عنصر التشويق وأساليب القتال التي لا تخلو من العنف. وحسب ما يقول المسؤولون في قسم التثقيف الصحي في وزارة الصحة فان القسم لم يقم بحملات للتوعية أو إعداد دراسات حول المخاطر الصحية المتعلقة بهذا الموضوع لانه ليس من ضمن الأولويات في الوقت الحالي. أخصائية الإرشاد النفسي في وزارة الصحة الأردنية إيمان الشوبكي قالت ان الحاجة أصبحت الآن ضرورية لمعرفة مدى اخطار هذه الظاهرة على أطفالنا ومقارنتها بالأخطار التي باتت معروفة من خلال الدراسات العالمية والتي من بينها ان الاستخدام الطويل للكمبيوتر من قبل الأطفال يفقدهم التواصل مع أسرهم ومجتمعهم ويحولهم الى أطفال اكثر ميولا الى الانعزال وعدم الاستمتاع بمشاركة الآخرين اللعب والحديث. واضافت ان من ضمن الاخطار النفسية جراء ذلك هو التخوف من الوصول الى مرحلة يصعب فيها التفاهم بين الاهل والطفل بسبب انقطاع الحوار بينهم لساعات طويلة وخاصة اذا كان هذا الطفل على ابواب مرحلة المراهقة التي تتطلب وجود تواصل وحوارات مستمرة لمعرفة مشاعر الطفل وميوله وتوجهاته وتقييم سلوكياته. وقالت إضافة إلى ذلك فان الألعاب الإلكترونية المستوردة لا تخضع لرقابة محلية للتأكد من عدم احتوائها على أفكار خارجة عن المألوف لدينا في المجتمع العربي.. وفي اغلب الأحيان يقلد الأطفال ما يشاهدونه وتلتصق طريقة اللبس وأشكال وحركات الشخصيات التي يرونها عبر الألعاب الإلكترونية في عقولهم مما يؤثر على بناء شخصياتهم في المستقبل. أخصائية التغذية في وزارة الصحة الأردنية المهندسة باسمة استيتية قالت ان من أهم المخاطر الصحية التي قد يتعرض لها الطفل خلال جلوسه لفترات طويلة أمام جهاز الكمبيوتر هو نسيانه لنفسه من تناول الأغذية الصحية والسوائل التي يحتاجها الطفل بشكل كبير خلال فترة نموه ولذلك فان على الام او المشرف على هذا الطفل تفقده على الأقل كل ساعة وتذكيره بأهمية تناول المواد المغذية وشرب السوائل بأنواعها والتي يجب ان تعادل لترين في اليوم على الأقل مع التركيز على شرب عصائر الفاكهة الطبيعية غير المحلاة. واضافت يجب التركيز على تناول الطفل الوجبة الرئيسية اليومية فلا يجوز ان تترك الام طفلها يحكم رأيه بان يتناول الوجبات السريعة اثناء فترة ممارسة أي من نشاطاته الفكرية او الجسدية.. ويجب التركيز على تناول الفيتامينات والبروتينات خاصة اذا كان الطفل يمارس مجهودا ذهنيا مركزا واذا تم إغفال هذه الناحية الهامة فان قدرات الطفل الفكرية قد تتأثر على المدى البعيد اذا تعرض لاي نوع من سوء التغذية والتي قد تسبب ايضا فقدان التركيز والتعرض الى النحول الزائد وخاصة في فترة المراهقة.. ولا بد للام من ان تجنب أطفالها تناول السكاكر وأنواع الحلويات والموالح بين الوجبات فلذلك تأثير سلبي كبير على مدى قابليتهم للطعام. أخصائي أمراض العيون الدكتور نادر عدس رأى انه وعلى الرغم من المخاطر التي تتعرض لها العين نتيجة الاستخدام المتواصل للكمبيوتر فانه لا حاجة للقلق اذا تم اتباع نصائح معينة ومنها إراحة العين كل نصف ساعة على الأقل ولمدة دقيقة بالنظر بعيدا عن جهاز الكمبيوتر واستعمال قطرات العين المرطبة اذا احس مستخدم الجهاز باي نوع من احمرار العين او وجود جفاف فيها وخاصة للذين يضعون العدسات اللاصقة إضافة الى الابتعاد عن الشاشة الى مسافة لا تقل عن 40 سنتمترا على الأقل واستخدام الشاشات الواقية او النظارات الخاصة باستخدام الكمبيوتر. وأضاف في فصل الصيف فان أمراض العين تكثر بشكل عام ويتزايد عدد طلبة المدارس والأطفال الذين يصابون بأعراض متعددة ومن ضمنهم أعداد لا بأس بها ممن يطيلون النظر إلى شاشات التلفزيون وأجهزة الكمبيوتر وغالبيتهم تكون شكواهم إحساسهم بوجود جسم غريب في العين أو احمرار تتراوح شدته من شخص لآخر علما بان العين تتأثر بالمعطيات نفسها بغض النظر عن الفئة العمرية.. كما أن تعرض العين للمجال المغناطيسي يهددها ولذلك فان الأبحاث العالمية صارت تركز على مكان وجود الجهاز ونوعية الأدوات والأثاث الموجود حوله وطبيعة المواد التي تدخل بتصنيعها فيجب أن تكون من المواد ضعيفة التوصيل الكهربائي. أخصائي أمراض العظام فارس تادرس رأى انه لا بد من دق ناقوس الخطر الآن حول صحة أطفالنا ممن يستخدمون جهاز الكمبيوتر لساعات طويلة.. فقد ازدادت في السنوات الأخيرة بشكل ملحوظ الحالات التي باتت تعرف باسم أمراض الكمبيوتر ومنها حالات ضعف وإرهاق شديدين لعضلات الأطراف العليا وتقوس الظهر نتيجة للجلوس الخاطئ المنحني أمام الشاشة. وقال ان الخطر يتعاظم عند الأطفال بشكل أوضح لانهم يمرون بفترات نمو تحتاج الى تمارين رياضية وفترات راحة ويضر كثيرا تعريض جزء منها للإرهاق وخاصة عظام أصابع اليد وشد العضلات باستخدام مفاتيح جهاز الكمبيوتر التي تتطلب السرعة والمتابعة والضغط على عضلة معينة دون سواها. واضاف ان مشكلات الجهاز العضلي والعظمي عند الأطفال الذين يتأثرون اكثر من سواهم تظهر مع مراحل النمو المتقدمة وقد لا تظهر الأعراض بشكل سريع وبذلك فان الخطر يتزايد دون علم الطفل او اهله . ونصح طبيب العظام بالجلوس بشكل صحيح عند استخدام جهاز الكمبيوتر مع رفعه قليلا بما يوازي النظر بحيث لا يحني مستخدما رأسه والتركيز على اللياقة البدنية وممارسة الألعاب الرياضية وخاصة السباحة والتعويض عن شد العضلات التي يتعرض لها مستعمل الجهاز بتحريكها بشكل صحيح واراحتها والتركيز على اهمية عدم استخدام جهاز الكمبيوتر لاكثر من ساعة متواصلة ثم الاستراحة لفترة وجيزة قبل العودة إليه.