تشغل أجهزة الاتصالات الحديثة والألعاب الإلكترونية مثل: الآيباد والأيبود والجوالات الذكية، واللاب توب، والبلاي ستيشن، حيزاً كبيراً من ذهن واهتمام الأطفال، ولا يصاحب ذلك وعي بطرق استخدامها، أو معرفة الأضرار الصحية الناجمة عن الإفراط في استخدامها، وأخطرها أمراض العيون؛ حيث يقضي الأطفال من عمر 3 إلى 13 عاماً ما يزيد عن 5 ساعات يوميا مع تلك الأجهزة مما يتسبب في أضرار صحية كبيرة على مستوى الذكاء، وكذلك على صحة الإبصار لدى الأطفال. أخصائية البصريات ببرنامج الهيئة الملكية بالجبيل الدكتورة أبرار العوامي قالت ل"الوطن، إن هذه الأجهزة تتسبب في إجهاد العين وإرهاقها، ومن ثم صداع دائم خصوصاً مع الاستخدام الطويل، يعاني بعدها الطفل من تشويش مؤقت في الرؤية، يتلوه إحساس بحرقان أو جفاف وازدياد الحساسية للضوء، وبالتالي إصابته بقصر النظر، أو طول النظر. مبينة أن استخدام الأطفال المفرط لهذه الأجهزة يتسبب في ظهور بعض الأعراض التي تشير إلى وجود مشاكل في البصر يجب على الوالدين ملاحظتها كالجلوس بالقرب من التلفاز، وفرك العين باستمرار، والحساسية الشديدة للضوء، وصداع مستمر خصوصاً أثناء التركيز أو القراءة، وتغطية إحدى العنين، ووجود صعوبة أثناء القراءة أو الكتابة، وإمالة الرأس إلى أحد الجانبين، وضعف في التركيز، ووجود صعوبة في تتبع الكلمات أثناء القراءة و صعوبة في متابعة الأجسام المتحركة، وكذلك حول في العين سواء في عين واحدة أو كلتيهما، وقد يكون متقطعا أو دائما، بالإضافة إلى وجود احمرار وتدميع دائم في العين، أو وجود لون أبيض داخل حدقة العين أو بؤبؤ العين، ما يشير إلى وجود ماء أبيض "كاتراكت". وأشارت العوامي إلى أن الطفل عادة في السنوات الأولى من عمره لا يستطيع معرفة ما إذا كان لديه أي مشكلة في النظر، ولا يشتكي من ذلك ظناً منه أن جميع الناس من حوله يرون بنفس درجة الوضوح أو التشويش التي يرى بها خصوصا إذا كان يعاني من قصر النظر؛ حيث إن الأجسام القريبة والمحيطة به تبدو بصور واضحة، بينما الأجسام البعيدة تظهر مشوشة أو ضبابية، من هنا تتضح أهمية الفحص الدوري للتأكد من سلامة بصر الطفل؛ ولتفادي حدوث مضاعفات في المستقبل. وأكدت العوامي على أهمية إضاءة الغرفة أثناء استخدام الكمبيوتر وأن تكون ملائمة لتفادي التباين بين إضاءة الغرفة والنور الصادر من شاشة الكمبيوتر والذي يسبب إجهاداً للعين، كما يجب أخذ قسط كاف من الراحة أثناء استخدام الكمبيوتر لساعات متواصلة، وأن يبعد الشخص عينيه عن الجهاز 10 دقائق في كل ساعة يستخدم فيها الجهاز، ويحاول النظر إلى أي شيء بعيد لتتمكن عضلات عينه من الاسترخاء، والرجوع إلى وضعها الطبيعي. ويفضل استخدام شاشات الحاسب المزودة بطبقة أو فلتر حامي من الأشعة المنعكسة من الجهاز. وتبين الأخصائية العوامي أنه يجب فحص نظر الطفل في سن الثالثة أو الرابعة وهي السن التي يبدأ فيها الطفل بالتركيز والكتابة، وممارسة النشاطات الأخرى، ويبدأ فيها الذهاب للحضانة أو الروضة. وفي هذه المرحلة يمكن تعديل قوة الإبصار لو كان الطفل بحاجة إلى نظارة طبية. كما تعتبر أفضل سن لإعطاء فكرة دقيقة عن قوة البصر وعلاجها دون التسبب في كسل العين، فمنذ ولادة الطفل حتى بلوغه سن الثامنة أهم مرحلة في تطور النظر لديه، وقدراته البصرية، وفي هذه المرحلة بالإمكان اكتشاف عيوب النظر والوقاية منها أو علاجها وتقويمها، لذا يجب العناية والحذر من الإفراط في استخدام التقنية، ما يستدعي ضرورة تقنين هذا الاستخدام وخاصة للأطفال. ويظل الجهاز البصري والنظر لدى الطفل في حالة من النمو والتغيُّر. وتضيف أنه يجب على الوالدين ملاحظة ومتابعة نظر الطفل منذ الأشهر الستة الأولى خصوصا في وجود تاريخ مرضي في العائلة، مثل الماء الأزرق أو الأبيض أو الحول أو غيره لعلاجها في مرحلة الطفولة المبكرة لتفادي تدهور الحالة مستقبلا، وعند اكتشاف أو ملاحظة أي مشكلة يجب المسارعة إلى عرض الطفل على أخصائي البصريات أو طبيب العيون. من جانبه، قال مبارك الهاجري الموظف بشركة "نماء" بالجبيل إن إعجابه بقدرة ابنه في التعامل مع تلك الأجهزة منذ سن ال4، دفعه لتوفيرها بكافة أنواعها ما جعل الطفل يقضي نصف يومه تقريباً معها منذ سن مبكرة، نتج عن ذلك إصابته ب"كسل العين" وبفضل الكشف المبكر تم السيطرة على المرض، وتنظيم عملية ساعات الجلوس أمام التلفزيون، أو ألعاب الفيديو والكمبيوتر. وأما المهندس ناصر العمران فيتحسر على ضعف مستوى الوعي الصحي لدى المجتمع، حيث يحرص كثير من الآباء على توفير كافة ما يشتهيه أبنائهم من ألعاب إلكترونية دون أن يكلف نفسه توعية الأسرة بالأضرار الصحية لها، موضحا أن ابنته التي تدرس في الصف الخامس أصيبت ب"طول في النظر" نتيجة إجهاد العضل البصري لكثرة الوقت الذي تقضيه أمام شاشة اللاب توب أو أجهزة الألعاب الإلكترونية، واضطرت لاستخدام النظارة الطبية في سن مبكرة. وأما خالد النمش فيؤكد أن أبناءه ال4 يقضون أكثر من 5 ساعات يوميا ما بين التلفزيون والبلاي استيشن، ويفضلون الجلسة بالقرب من الشاشة، ولم تعر الأسرة هذا الأمر اهتماماً، بل كنا نسعد عندما ينشغلون عن الشارع، أو مزاحمتنا الجلسة في صالة البيت، وبسبب إصابة أختهم التي تدرس في الصف الرابع ب"طول في النظر" نتيجة جفاف العين الناتج عن الإجهاد البصري نظرا للساعات الطويلة التي تقضيها أمام الشاشة عادت الأسرة لتنظيم وقت اللعب والتلفزيون.