في ضيعة غنية بزيت النخيل في شمال ماليزيا تنتشر مجموعة من نحو 20 كوخا خشبيا حول مسجد مبني من الطوب.غير أن أبواب المسجد موصدة بالسلاسل والاقفال. وبالرغم من المظهر الهادىء الذي تبدو عليه المدرسة الاسلامية فان الشرطة الماليزية تراقبها عن كثب بعد أن زعم مشرعون في تايلاند ان المدرسين هناك يعلمون التايلانديين حمل السلاح في تمرد أودى بحياة أكثر من 320 شخصا هذا العام. وتفجرت المشاعر الانفصالية التي ظلت كامنة لفترة طويلة في يناير في جنوبتايلاند الذي يغلب على سكانه المسلمون حيث أخمدت حركة تمرد على نطاق صغير كانت قد ظهرت في السبعينات والثمانينات. وقال ازهر بحر الدين الذي يعيش بالقرب من المدرسة: الشرطة جاءت هنا اكثر من عشر مرات كان آخرها صباح اليوم (امس). وتقع المدرسة الاسلامية على مبعدة مسيرة 30 دقيقة على طريق رملي في قرية نائية قرب سونجاي اولار أو (نهر االثعبان) في ولاية ترنجانو على بعد 200 كيلومتر من الحدود التايلاندية. أنشأ معلم ماليزي متدين لابوين تايلانديين المدرسة التي تعلم تلاميذها الصغار تعاليم الاسلام وتوفي عام 1996. وقال سكان محليون ان الصفوف لا تزال مستمرة حيث يتلقى من 20 الى 30 طالبا معظمهم من تايلاند دروسا خلال شهر رمضان الذي يحل في اكتوبر هذا العام. ويشير سياج بني حديثا امام المسجد مباشرة الى حدوث نشاط مؤخرا. وقال ازهر لرويترز: يأتون مرة كل عام لتنظيفه وأداء الصلاة. انهم لا يقومون بتدريس التشدد هنا. انها مجرد تعاليم دينية. وتقول الحكومة التايلاندية انها لا تستطيع أن تحدد بدقة ما الذي أثار أحدث أعمال العنف في جنوب البلاد لكنها تضيف ان المنطقة التي يتحدث سكانها لهجة المالاي على نطاق واسع تحتاج الى خطة طويلة المدى للتنمية وتعهدت بتقديم 300 مليون دولار على مدار الاعوام الثلاثة القادمة لاقامة الطرق وانشاء مدارس أفضل وتوفير فرص عمل جديدة. وكان رئيس الوزراء التايلاندي تاكسين شيناواترا قد قام بجولة في الجنوب الذي يغلب على سكانه المسلمون اواخر الشهر الماضي وتعهد بأن تولي بانكوك المنطقة اهتماما وأن تكف عن اهمالها. كما تعهد ايضا بتقديم رحلات حج مجانية الى الاراضي المقدسة لمن يدلون بمعلومات تقود الى من يقفون وراء أعمال العنف فضلا عن برامج لمعالجة الفقر وتحسين التعليم في المنطقة. وأمدت بانكوك ماليزيا بأسماء اكثر من 20 انفصاليا تعتقد أنهم يختبئون على الجانب الاخر من الحدود غير أن كوالالمبور قالت انها لا تستطيع العثور عليهم. وجدد العنف الاهتمام بالمدارس الدينية الاسلامية التي يوجد معظمها في ولايتي ترنجانو وكيلانتان المتجاورتين. كما توجد هذه المدارس ايضا في باكستان واندونيسيا والشرق الاوسط وتدرس القرآن واللغة العربية والشريعة الاسلامية وتاريخ الاسلام فيما تقوم المدارس الاكبر بتدريس العلوم الدنيوية الى جانب العلوم الدينية. وفي ماليزيا يحظى مدرسو المدارس الدينية باحترام كبير من قبل المجتمع الذي يغلب على سكانه المسلمون من المالاي ولكن في الاعوام الاخيرة أصبحت السلطات تنظر الى هذه المدارس بوصفها تربة خصبة للمتشددين خاصة في باكستان واندونيسيا. ويعتقد على نطاق واسع أن أعضاء تنظيم الجماعة الاسلامية وهو التنظيم الاقليمي المشتبه في صلاته بتنظيم القاعدة والذي ينحى عليه باللائمة في تفجيرات بالي عام 2002 تلقوا التدريب في مدارس دينية في باكستان. وكانت تايلاند قد اعتقلت مدرسين مسلمين للعلوم الدينية الشهر الماضي للاشتباه في ضلوعهما في أعمال العنف في جنوب البلاد. ويتحدث كثير من المسلمين في تايلاند لهجة المالاي ويحملون جنسية مزدوجة ويتمتعون بعلاقات قوية مع جيرانهم في ماليزيا. وبالرغم من اعتناقهم الدين نفسه يقول المسلمون في ترنجانو انهم لا يشعرون بتعاطف يذكر مع المتمردين. وقال محمد سوبوكي (27 عاما) المدرس في احدى المدارس الدينية الذي تلقى تعليمه في تايلاند والسعودية: لا أستطيع أن أتفق مع كفاحهم لانه ليس صحيحا. كما افهم فانهم يريدون دولة خاصة بهم لكن الاسلام لا يعلم معتنقيه أن يكونوا معتدين. ويعبر كثير من التايلانديين الحدود يوميا لبيع بضائعهم في شاحنات صغيرة أو لكسب قوتهم من جمع المطاط في كيلانتان وترنجانو. وأبدى يوسف عبد الله (51 عاما) المسؤول في قطاع التعليم تعاطفا اكثر من هذا مع المتمردين قائلا ان جنوبتايلاند مهمل الا أنه أضاف أن البعض مضللون وقال: اذا كانوا يقاتلون من أجل الحصول على الحكم الذاتي فنستطيع أن نوافق على هذا لكن البعض يمارس الشعوذة. انهم يعتقدون أنهم لا يقهرون وأن طلقات الرصاص لا تستطيع اختراق أجسادهم.