تعاني مدن الجنوب العراقي تفاقم ظاهرة التلوث وتحولها الى واقع يصعب معالجته بأدوات بدائية بسيطة ويبدو اثره جليا لأي شخص يزور مدن البصرة والناصرية والعمارة والسماوة. فهناك المياه غير الصحية التي خصصت للشرب في جنوبي العراق خصوصا في البصرة حيث توجد بحيرات المياه الآسنة التي تعد امتدادا للمجاري الخارجة من المنازل بجانب القمامة التي تركت ولاتزال الا في فترات متقطعة ومتباعدة إضافة إلى الأنهار القذرة التي تعانيها غالبية مدن الجنوب ووجود المواد الغذائية غير الصحية التي كثرت في الآونة الأخيرة. فمنذ الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينات أصبحت مياه البصرة المخصصة للشرب غير صالحة وافتقدت أدنى مقوماتها خصوصا في العام الأخير حيث ازدادت الحال تفاقما ووصلت إلى حد قد تنتج عنه تداعيات خطيرة جدا. وعن وضع مياه الشرب في البصرة قال مدير ادارة مياه البصرة عبد الستار عاكف لوكالة الأنباء الكويتية: ان مشاريع مياه البصرة الحالية غير مستوفية لحاجة المواطن الى المياه الصالحة للشرب. واشار الى ان هناك مشاريع عهدت لبعض الشركات لكنها لم تنجز أيا منها. وعن تداعيات هذا التلوث المائي قال مدير صحة البصرة الدكتور رعد داود سلمان: اننا نعاني منذ سنوات وفيات الأطفال بسبب وضع المياه في البصرة الذي يعود الى عهد النظام البعثي وهناك مخاوف من اتساع ظاهرة الأمراض التي يسببها هذا التلوث. ولا يقف التلوث عند مياه الشرب بل يتعداها الى ظاهرة البحيرات ومجمعات المياه الآسنة التي أصبحت تورق المواطنين لا من حيث جمالية المدن المسلوبة فقط بل لأنها تحولت الى وضع صحي خطير. من جهته قال نائب محافظ البصرة للبلديات عبد الحافظ العاتي: اننا ننسق العمل الان مع مديرية البلدية في البصرة من اجل توفير خطط عمل كاملة وسريعة للقضاء على عدد من الظواهر غير الحضارية من قبيل مجمعات المياه الأسنة والغاء المجاري المكشوفة. وأكد العاتي ان هناك معالجات وقتية لأكداس القمامة ولكنه أبدى أسفه من أن الوضع الحالي في العراق لا يساعد على تنفيذ أي مشروع خدماتي. ويبدو أن الكثير من المطلعين على الوضع في الجنوب يرون بوضوح عدم وجود اهتمام كبير بالجنوب العراقي الذي يعاني التهميش من الحكومات المتعاقبة. واوضحت مديرة البيئة في محافظة العمارة ان الناس لا يفهمون كيف يتصرفون لتفادي تفاقم هذه المشكلة حيث لا توجد تنشئة صحية لذهنية المواطن. يذكر انه من اجل هذا الغرض عقد قبل أكثر من شهر مؤتمر البيئة الأول في البصرة والذي شهد حضورا مكثفا من قبل مسئولين ومختصين نوقشت خلاله المشاكل البيئية في البصرة خصوصا وفي الجنوب عموما إن معضلة التلوث البيئي بكل أنواعها يبدو أنها في اتساع مع استمرار عدم الاستقرار في البلاد والذي يؤدي إلى عدم الالتفات لصحة المواطن العراقي التي يتخوف الكثيرون من أن تصبح آخر قضية يهتم بها أصحاب الحل والقرار في البلاد.