يدور اختبار قوة لا هوادة فيه منذ اكثر من اسبوعين بين رئيس الوزراء العراقي اياد علاوي ومقتدى الصدر سيؤدي في نهاية المطاف الى تركيع احدهما وتحطيم مستقبله السياسي. ورهان المعركة بين هاتين الشخصيتين الشيعيتين، هو شكل السلطة في عراق المستقبل ومكانة السلطة المركزية حيال الميليشيات التي باتت تتمتع بدور بارز منذ سقوط نظام صدام حسين. وعلاوي (58 عاما) بعثي سابق تقرب من وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي اي آيه) وعينه التحالف بقيادة الولاياتالمتحدة في منصبه في يونيو الماضي. ورئيس الوزراء علماني يؤيد قيام دولة فدرالية تتمتع بصلاحيات في المجال الامني مع قوات شرطة قادرة وكفؤة. وهو يسعى الى إرساء الامن لتطمين المستثمرين الاجانب وتحريك عملية اعادة اعمار البلاد المعطلة منذ بدء اعمال العنف والخطف في ابريل. في مواجهته مقتدى الصدر في الثلاثين وهو احد الناجين من النظام السابق اذ اغتيل والده محمد صادق الصدر في 1999 بأمر من صدام حسين وكذلك اثنان من اشقائه. والصدر يؤيد علنا قيام دولة اسلامية، على النموذج الايراني، على غرار احد اقربائه محمد باقر الصدر في العراق والذي اغتيل في 1980. وحيال التحفظ السياسي، اختار مقتدى الصدر طريق التطرف ومعاداة الأمريكيين لبلوغ غاياته. وهو يدعو الى الشهادة في سبيل الاسلام ويردد: انني عدو أمريكا وأمريكا عدوي حتى الموت. ونجح في تعبئة الشبان العاطلين عن العمل في بغداد والمناطق الشيعية التي ترى فيه المخلص من الطاغوت الأمريكي. وبعد ان حاول استمالة الصدر بالسماح له باعادة اصدار صحيفته التي امر الأمريكيون باغلاقها وبتعليق الملاحقات القضائية ضده بتهمة التواطؤ في قتل خصم له في ابريل 2004، قرر علاوي اللجوء الى القوة والقضاء نهائيا على ميليشيات الصدر. ومطلع اغسطس طالب علاوي بانسحاب الميليشيات من مسجد الامام علي في النجف وتسليم قوات الامن العراقية الأسلحة وتحويل جيش المهدي الى حزب سياسي. ودعا خصمه، تحت طائلة شن هجوم على معقله في النجف، الى الإدلاء بتصريحات علنية بهذا المعنى، وهو امر يوازي الانتحار السياسي بالنسبة الى الصدر. لكن الصدر بعد ان أكد على لسان معاونيه انه يوافق على الشروط الثلاثة، لم يقبل في الواقع سوى شرط واحد ألا وهو تسليم مفاتيح المسجد الى المرجعية وليس الى الشرطة لان ذلك يعني في رأيه تسليم احدى العتبات الى المحتل. لكن هذا المطلب لن يتحقق بسبب خلافات حول سبل تسليم المفاتيح الى ممثلي السيستاني. وفي رسالة تحمل توقيعه رفض نزع اسلحة جيش المهدي. وتجري المواجهة بين الرجلين، التي لا تترك الباب مفتوحا لاي مخرج مشرف، على اصوات المدافع وباللجوء الى الحيلة والتضليل الاعلامي. واعلنت الحكومة الجمعة ان الشرطة دخلت الى مسجد الامام علي في حين اكد مراسل وكالة فرانس برس عكس ذلك. وفي اليوم نفسه اعلنت وزارة الصحة عن مقتل 77 شخصا واصابة 70 بجروح خلال 24 ساعة في مدينة النجف في حين وصلت الحصيلة في مستشفى الحكيم الى 52 قتيلا و223 جريحا منذ الخامس من الجاري. وفي عيادة مسجد الإمام علي حيث يعالج المقاتلون اشار طبيب الى سقوط 35 قتيلا منذ الخامس من الشهر الجاري. من جانبهم يؤكد المقاتلون يوميا انهم اسقطوا مروحيتين او ثلاثا ودمروا عدة دبابات دون اي دليل يثبت هذه المعلومات. علاوي