تعد تونس الخضراء من اكثر البلدان العربية انتاجا لمختلف انواع الحبوب والخضروات والغلال التي تغزو الاسواق والشوارع لاسيما الغلال الصيفية كالبطيخ والشمام والخوخ والتفاح والعنب واللوز الاخضر0 واضافة الى تلك الغلال المعروفة في مختلف انحاء العالم تقريبا فان الاراضي الزراعية التونسية تزخر ايضا بنباتات اخرى مثيرة للانتباه ومثمرة كالتين الشوكي الذي فرض نفسه بلا منازع على المائدة الغذائية للاسرة التونسية حتى انه اصبح يلقب ب /سلطان الغلال الصيفية/0 فبعد ان كان التين الشوكي ولعقود طويلة مصنفا على انه /غلة الفقراء/ نظرا لنباته وتكاثره في البساتين والغابات دون تكاليف او عناء وفي متناول الجميع اصبح الاقبال على التين الشوكي كبيرا في الاسواق حيث لاتخلو منه مأدبة غذائية صيفية لاسرة تونسية بغض النظر عن المركز الوظيفي والمستوى الثقافى او الاجتماعي على الرغم من ارتفاع سعره الى اكثر من دولار امريكي للكيلوغرام الواحد0 وبدأ التين الشوكي التونسي لاسيما النوع الاملس منه الذي تم تطويره في السنوات الاخيرة يلعب دورا تصديريا متناميا حيث اصبح ينافس الايطالي من جزيرة صقلية ويغزو الاسواق الاوروبية بعد ان اكتشف الاوروبيون فجأة فوائده الطبية والصحية العديدة0 وقد اثبتت بعض الدراسات التحليلية الطبية التي نشرت هنا مؤخرا انه يحتوي على عديد من المواد والفيتامينات التي تساعد على تقوية المناعة المكتسبة للجسم للحد من خطر الاصابة بسرطان المصران الغليظ و/البروستاتا/ خاصة لدى الرجال اضافة الى المساعدة على الهضم0 واكد المهندس الزراعي المازرى جقيريم بديوان الماشية وتوفير المراعى بمنطقة المنستي بالساحل الشرقي التونسي ان النوع الاملس الجديد من التين الشوكي التونسي قد تم تطويره وغراسته في اطار مشروع تونسي امريكي لتنمية المناطق الرعوية القاحلة بدأ منذ السبعينيات لاسيما بالوسط والجنوب التونسي عن طريق تكثيف الغراسات على الاف الهكتارات من هذه النبتة0 واضاف جقيريم ان الحكومة التونسية قدمت مساعدات وتشجيعات كبيرة للمزارعين لغراسة التين الشوكي الاملس بهدف تكثيف المدخرات العلفية على اغصانها للماشية لاسيما من الابل والمعز والخرفان لاستغلالها خلال سنوات الجفاف مشيرا الى ان نتائج هذا المشروع كانت ايجابية للغاية0 واكد ان ثمرة النوع الجديد من نبتة التين الشوكي الاملس الاقصر قامة من التين الشوكي التقليدي اصبحت متوفرة بكميات كبيرة يتم تصديرها الى الاسواق الاوروبية نظرا لما تحتوى عليه من سكريات بنسبة 19 في المئة والعديد من الاملاح المعدنية والسوائل والفيتامينات الاخرى المنشطة والمغذية لجسم الانسان ومناعته المكتسبة طبقا لنتائج التحليلات الطبية0 وافادت مصادر تجارية تونسية ان منتجى النوع الاملس من التين الشوكي في منطقة /القصرين/ بالجنوب التونسي قد وقعوا مؤخرا عقدا تجاريا يقضي بتصدير 10 الاف طن كدفعة اولى من هذا المنتوج الى بلدان الاتحاد الاوروبي مما يفتح آفاقا جديدة وواعدة لهذا القطاع في هذه المنطقة0 ويتم حاليا تصنيع التين الشوكي التونسي ايضا وتصديره الى الاسواق الخارجية كمنتوج غذائي معلب في شكل معجون وعصير /الرب/ المستعمل لعلاج الالتهابات في المعدة والامعاء0 والى جانب التين الشوكي التقليدي المتوفر في الغابات والبساتين والنوع الاملس المستزرع حديثا يوجد في تونس ايضا نوع ثالث من التين الشوكى يطلق عليه /التين الشوكى المخسى/ الذي يقوم المزارعون بقطف زهرة الثمرة فور تفتحها في ورقة النبتة الشوكية خلال شهر يونيو لكي تتأخر عملية نضجها الى اكتوبر لتصبح الثمرة اكبر حجما وليطلق عليها ايضا /التين الشوكى الخريفى/ نسبة الى فصل الخريف0 وتشير بعض المراجع النادرة المتوفرة عن تاريخ دخول نبتة التين الشوكى الى شمال افريقيا والتي يطلق عليها ايضا /الهندى/ باللهجة العامية التونسية الى ان هذه النبتة الصحراوية بالاساس قد تم جلبها من القارة الامريكية الى الاندلس عن طريق الاسبان الذين نقلوها بدورهم الى منطقة وهران شرقي الجزائر في حدود القرن ال17 قبل انتشارها في البلدان المجاورة لاسيما تونس البلد الزراعي. وقد اطلق العرب في شمال افريقيا في البداية على التين الشوكى /التين المسيحى/ نسبة الى الاسبان الذين جلبوه الى المنطقة فيما لايزال التونسيون يطلقون على نوع احمر اللون من التين الشوكي المتواجد في بعض المناطق الساحلية /التين الشوكى السورى/ علما بان كلمة /سورى/ تعنى في اللهجة العامية التونسية /الافرنجى/ لوصف كل ما هو غريب واجنبى من اصول غير عربية اسلامية0 يذكر ان نبتة التين الشوكي في تونس كانت تستخدم في البداية علفا للابل والمواشي الاخرى في المناطق الصحراوية القاحلة بعد شويها او طهيها لازالة الشوك من الورق نظرا لانها تحتوى على كميات كبيرة من السوائل التى تحتاجها الابل لمقاومة الجفاف والنقص في المياه0 وتتم غراسة التين الشوكي بورقه كحاجز لمقاومة التصحر ووقف زحف الرمال وحماية شجرة الزيتون من الجفاف وترسيم الحدود والفصل بين ممتلكات الاشخاص من بساتين واراض والحماية ضد الدخلاء من البشر اوالمواشي ومنعها من الرعى والحاق الضرر بالاشجار والنباتات. وبذلك بدأ التين الشوكى بتونس يغزو الأسواق والموائد الاوروبية ويحظى بمزيد الاهتمام من قبل الباحثين في المجال الطبي والصيدلة لتعدد فوائده وتنوعها اقتصاديا وغذائيا وطبيا وبيئيا ايضا.