تُعدّ المخرجة السينمائية المغربية فريدة بليزيد من بين السينمائيين المغاربة الكبار الذين قدموا أفلاماً هامة للسينما المغربية، واستطاعوا أن يتميزوا من خلالها بطابعهم السينمائي الشخصي وبصمتهم الفنية المتفردة. انطلق مسار هذه المخرجة المتميزة من خلال فيلمها الوثائقي «هوية امرأة» الذي قدمته عام 1979، وهو فيلم يبين مدى اهتمامها بقضايا النساء والدفاع عنهن، لتنطلق بعد ذلك في إخراج أفلام سينمائية روائية طويلة، حيث أخرجت فيلم «باب السماء مفتوح» عام 1988. هذا الفيلم الذي يحكي قصة نادية، وهي مهاجرة مغربية شابة تعود من باريس إلى مدينة فاس لزيارتها حين تسمع بخبر والدها المحتضر. وبعد موته ستقرر تحويل بيته الكبير إلى ملجأ للنساء المعدمات مساعدة منها لهن على التغلب على الظروف الاجتماعية الصعبة التي يعشن فيها. كان هذا الفيلم هو في مجمله غوصاً عميقاً في نفسية هذه المرأة واستنباطاً داخلياً لأحاسيسها الإنسانية. وقد حظي الفيلم بمكانة هامة داخل المسار السينمائي المغربي لما تميز به من عمق في الرؤية وجمالية في الإخراج. وقامت بليزيد بعد ذلك بإخراج فيلم آخر حمل عنوان «كيد النساء». وهو فيلم مستوحى من حكاية شعبية مغربية متداولة تحمل العنوان نفسه. استطاعت المخرجة أن تقدمها في قالب سينمائي رفيع، سواء على مستوى طرح القضايا الاجتماعية الراهنة من خلالها أو على مستوى الصياغة السينمائية لها، ما جعل هذا الفيلم السينمائي يحظى بمشاهدة كبيرة لدى الجمهور المغربي. أما بخصوص فيلمها «الدارالبيضاء يا الدارالبيضاء» فهو فيلم مقتبس عن رواية «أقوياء الدارالبيضاء» للكاتب المغربي رضا المريني. وقد قامت بإخراجه عام 2002، ليليه بعد ذلك فيلمها «خوانيتا بنت طنجة» عام 2005. وهو فيلم مقتبس عن رواية «الحياة البائسة لخوانيتا ناربوني» للكاتب الإسباني أنخيل فاسكيس، ويحكي قصة امرأة ولدت في مدينة طنجة من أب انجليزي وأم اسبانية. وهو يطرح قضية التعايش الإنساني والحوار الحضاري. ونضيف الى هذا المتن فيلماً سينمائياً قصيراً هو فيلم «فوق السطح» قامت بإخراجه عام 1995 بمناسبة الاحتفاء بمئوية السينما. ونظراً لأهمية التجربة السينمائية للمخرجة فريدة بليزيد وتميزها، نظمت الجمعية المغربية لنقاد السينما بتعاون مع الخزانة السينمائية بطنجة، لقاء هاماً حولها ، طيلة يومي 25 و26 سبتمبر2009 في مدبنة طنجة، شارك فيها مجموعة من النقاد السينمائيين المغاربة بمداخلات عميقة، تميزت بأفق تحليلي منفتح وبقدرة على التفكيك النقدي في مستوييه الاجتماعي والبنيوي معاً. وتناول هذا اللقاء مختلف جوانب هذه التجربة السينمائية المغربية الغنية بتنوعها وبتعددية الأفكار المطروحة فيها، حيث توزعت العروض المقدمة فيه حول الكتابة الفيلمية للمخيال النسائي عند المخرجة فريدة بليزيد وكيفية تعاملها مع كل من الحكاية الشعبية ولعبة أسطرتها، إضافة إلى تفكيك بنية أفلامها الروائية الطويلة ممثلة بالخصوص في «كيد النساء» و «باب السماء مفتوح» و «خوانيتا بنت طنجة» أو فيلمها القصير «فوق السطح»، وتوضيح الخصوصيات السينمائية التي تمتاز بها. كما قدمت شهادات في حقها تميزت بالصدق ورقة الإحساس. وقد خلف هذا اللقاء أصداء طيبة في الوسط الثقافي والفني المغربي.