الشاعر محمد التهامي هو أحد فرسان القصيدة التقليدية، التي تستند على مفاهيم التراث والأصالة والعودة إلى الجذور العربية، وتنبني على استحضار تيمات وموضوعات وطنية وإسلامية ومجتمعية تهدف إلى إحداث تأثيرات إيجابية مباشرة في المتلقي. والشاعر محمد التهامي هو أحد المدافعين - بشراسة - عن الثقافة العربية ورموزها منذ عصر الإحياء وحتى اليوم، وهو يرى أن هناك صراعاً دائراً بين الثقافة العربية وبين أعدائها المتربصين بها. و أن أبرز السلبيات المريرة التي تعاني منها الثقافة العربية هي مهاجمة العرب أنفسهم للقمم الثقافية العربية أمثال أحمد شوقي أو محمود سامي البارودي أو غيرهما من الإحيائيين ابتغاء الشهرة أو استجابة لبعض النوازع النفسية مع ما في هذا الهجوم من جناية على الثقافة بوجه عام وتشويه لرموزها ومثلها الرفيعة التي تتطلع إليها الأجيال. وأضاف التهامي في حديث خاص ل "اليوم" إن الثقافة العربية في الوقت الراهن تعاني خللا وقصورا وسلبية، فقد غيرت الحركة الثقافية العربية جلدها تماماً في الآونة الأخيرة استجابة للمتغيرات العالمية والمستجدات الدولية، وفقدت الكثير من خصوصيتها وهويتها الحضارية، وتأثرت بما سواها من الثقافات التي تحاول فرض هيمنتها ونفوذها على الآخر. ويرى الشاعر محمد التهامي أن الثقافة العربية قد نالها ما نال القضايا العربية بشكل عام (على الأصعدة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعلمية والعسكرية وغيرها) من ضعف وانحدار وتراجع. مشيراً إلى ان الصراع بين الثقافة العربية وبين القوى المعادية لها يسير في اتجاه الشدة والقوة والعنف، ولابد أن تنهض من كبوتها وغفوتها لتواجه خصومها المتربصين بها. ولن يتأتى ذلك النهوض بدون عودة المثقفين والمفكرين والفنانين والمبدعين العرب إلى هويتهم وجذورهم العربية وتراثهم وأصولهم وتربتهم التي نشأوا فيها بعيداً عن رايات وشعارات التغريب. وحول الدور المعقود على القصيدة الوطنية والدينية في معركة الثقافة العربية ضد ما وصفها بالثقافات المعادية، يقول التهامي إن القصيدة الوطنية والدينية تحاول أن تكون دائماً على مستوى الأحداث الكبرى، وإذا كانت هذه القصيدة حالياً قد اعتراها نوع من اللين، فذلك لأن الأحداث ذاتها لم تعد بالعظمة التي تدفع الشعراء إلى التغني والافتخار! ولكن تبقى الكلمة دائماً مستعدة لمواصلة سعيها النضالي والبطولي من أجل تجاوز الواقع نحو المستقبل الأفضل. والقصيدة الوطنية هي سلاح معنوي بالغ الأهمية في التصدي للأعداء إلى جوار الأسلحة المادية الأخرى. وتنبا التهامي بقرب زوال الأزمة الثقافية قائلاً إن نهايتها في القريب العاجل، مضيفاً إن أصحاب المسئولية من أولي الفكر والثقافة وأهل الأدب والفن في العالم العربي سوف يفطنون إلى ما يحاك لهم من مؤامرات، وسوف يحسمون الصراع الحضاري لصالحهم في نهاية الأمر. وانتقد التهامي الأخطاء الكبرى التي ارتكبها المشاركون في فاعليات مؤتمر الثقافة العربية الأخير بالقاهرة، وما أثاره من قضايا تطعن في الإسلام، والحضارة العربية الإسلامية، وما يروج له من مقولات انمحاق العقلية العربية أمام العقلية الأمريكية، وأشار الى أننا نحيا الآن في زمن الموات الفكري، والجدب العقلي، وإثارة القلاقل والفتن الاستشراقية المدسوسة حول الخطاب الديني، والوحي الإلهي، والطعن في ثوابت الأمة وعقيدتها السمحة!! وقال لابد من قيام علماء الأمة ومفكريها برد فعل إزاء هذه الأفكار المغلوطة، وضرورة تصحيحها عن طريق إقامة مؤتمر آخر مواز له، يشترك فيه المفكرون والفقهاء، للدفاع عن الشريعة الإسلامية، وللرد على هؤلاء الحداثيين والعلمانيين أنصار الإمبريالية.. وعن تحسين صورتنا لدى الآخر قال التهامي لابد من العلاج الداخلي لأمراضنا الذاتية، ولابد من إعداد برامج جديدة إعلامية وفكرية ودبلوماسية للتحاور مع الآخر، وإقناعه بعدالة قضيتنا، وأننا أنصار وأصحاب دين لايدعو للعنف والإرهاب، كما يدعى البعض، وأننا أرباب حضارة العلم والمدنية والتقدم، ونحن أبناء أمة "اقرأ" علاوة على ضرورة تجديد خطابنا الديني الفكري للآخر، وفق ضوابط الشرع والدين، واتباع فقه الأولويات، مع العناية بالاجتهاد والتجديد، وأن نقيم قناة فضائية إسلامية تتحدث باللغة الإنجليزية، وتقدم صورتنا الحضارية للشعوب الغربية.