في غمرة الأنشطة التي شهدها ملتقى أسفي ل(المرأة والكتابة) والذي استضاف هذه السنة عددا من المبدعات العربيات والمغربيات، والذي تميز هذه السنة بتكريم الأديبة المغربية (خناتة بنونة) التي حمل اسمها اسم الدورة الرابعة للملتقى، التقت (اليوم) بالشاعرة المغربية ثريا ماجدولين التي أتت من مدينة وجدة بأقصى الشرق المغربي لمشاركة زميلاتها هموم وآمال المرأة العربية الكاتبة، والتي سبق لها المشاركة في عدد من الملتقيات المغربية والعربية والتي كان آخرها المشاركة في موسم (أصيلةالبحرين) شهر أبريل الماضي، حيث أجرت معها هذا الحوار حيث عرفت نفسها في البداية قائلة. أنا شاعرة مغربية أنتمي لمدينة وجدة بأقصى الشرق المغربي، صدر لي ديوانان : الأول بعنوان "أوراق الرماد" سنة1993 والثاني بعنوان (المتعبون) سنة ،2000 وسيصدر لي قريبا ديوان جديد بعنوان (سماء تشبهني قليلا) عن دار الثقافة. وقد اخترت أن أعبر عن وجهة نظري في شؤون الحياة من خلال القصيدة والشعر. وأحلم بتغيير الواقع، وأبحث عن عالم جميل.. أؤمن بدور المثقف في مساءلة المجتمع ومتابعة قضاياه، وضرورة انخراطه في مسار إصلاح المجتمع، وأن لا تترك شؤون الوطن للسياسيين فقط، فللثقافة سلطة كبرى على المجتمع ويمكن أن تساهم بقسط وافر في البناء. أؤمن بالحرية، والكتابة بالنسبة إلي فعل من أفعال التحرر.. وعن ملتقى المرأة والكتابة بآسفي قالت: هو تقليد ثقافي يدخل ضمن استراتيجية اتحاد كتاب المغرب في توزيع الندوات والملتقيات الثقافية والمهرجانات عبر كل جهات الوطن ، والعمل على تكريسها وترسيخها ضمن تقاليد المدن المغربية ، واتحاد كتاب المغرب بهذا يقرب الثقافة من المواطنين ويسعى في الآن ذاته إلى التعريف بثراء الخصوصيات الثقافية والحضارية لكل منطقة على حدة ، وهذه سنة حميدة تمثل فعلا اللامركزية واللاتمركز الذي نادى به المثقفون دائما .بالنسبة لملتقى آسفي لهذه السنة تميز بتكريم الأستاذة خناتة بنونة الكاتبة المغربية والأديبة العربية الرائدة التي ساهمت في تطور الكتابة السردية بالمغرب .تميز أيضا بكثافة وتنوع المداخلات النقدية التي تناولت الكتابة واليومي في أدب المرأة . أما الأمسيات الشعرية فقد جمعت حساسيات شعرية مختلفة. وعن تجنيس الأدب قالت: النص الإبداعي لا يحمل معالم الذكورة أو الأنوثة ، ولا توجد كتابة نسائية في مقابل كتابة رجالية. وأنا لا أحب النظر إلى النص الإبداعي من خلال جنس صاحبه ، وأدعو النقاد إلى البحث عن عناصر الجودة في النص وترك المرأة تكتب بسلام دون إزعاجها بترصد ما هو أنثوي في كلماتها مثلما لا يبحثون عن (الذكورة) في كتابة الرجل.. وأنا متأكدة أننا عندما يصبح لدينا كم كثير من الكاتبات ، ستسقط هذه التسمية ، ويصبح الأمر عاديا ، لكن الآن ، وبما أن المرأة بدأت تكتسح الساحة الأدبية (ومثلما عبر عن ذلك بعض الكتاب بالغزو النسائي)، اختلقت هذه التسمية لمحاصرتها ومراقبتها ، وكأن هناك خوفا من تسرب هذه الكتابة إلى خارج الحدود التي رسمتها لها العقلية الذكورية. دعونا إذن من (الشعر النسوي) و(الكتابة النسائية)، ولننتبه إلى أننا جميعا رجالا ونساء لدينا حلم واحد مشترك، ونتقاسم هموما واحدة، ولن ينفع الأدب أن نصنفه ونفصل ما هو أنثوي عما هو ذكوري وكأن الجمع بينهما سيوقعهما في المحظور !!.. إن المشهد الشعري العام والجديد في المغرب ، يحفل بأسماء نسائية ورجالية واعدة بالعطاء ، ومهمة الناقد هنا : مساندة هذه الأسماء حتى تواصل السير في درب الكتابة دون محاصرتها بتسميات لا جدوى ترجى من ورائها. كما أعتبر أن مصطلح الكتابة النسائية ليس له ما يبرره فيما تكتبه المرأة ، لأن ما يشكل الخصوصية الأنثوية لا يبرز في قصيدة أو قصة. وهناك تباين واضح في إبداع النساء بالمغرب بين الرؤى والتعامل مع الواقع أو في مفهوم الإبداع وهذا تماما ما نحسه ونحن نتابع إبداعات المثقفين بصفة عامة ، لذا على الناقد أن يتجاوز جنس الذات المبدعة حتى يكون موضوعيا في نقده. وعن المجالات التي يمكن أن تبدع فيها المرأة الكاتبة قالت ماجدولين: كل القضايا التي تشغل الإنسان هي مادة خام لإبداع المرأة والرجل على حد سواء لا فرق بينهما إلا في درجة الإبداع .فحين أتحدث عن المرأة وهمومها اليومية والعميقة فهذه هموم إنسانية بالدرجة الأولى وليست انغلاقا حول الذات باعتبار أن المرأة تعرضت للاضطهاد عبر عدة قرون. ولكنني كامرأة كتبت عن الحرب والسلام، عن بغداد وفلسطين وعن الاستبداد والظلم والنضال السياسي من أجل التغيير، وعن كل ما يشغل بال الإنسان من قضايا وهموم. كما تحدثت عن وجود بعض الحزن في شعرها قائلة: لا أكتب القصيدة في ساعة الفرح. تأتيني القصيدة دائما لتكون شاهدة على خذلان الزمن وانجراح الأفق وانسداد الرؤية لفرط الضباب داخل الجسد.. القصيدة دائما تفتح لي ذراعيها حين يسرقني البكاء وتهبط (السماء الرمادية) على كتفي. لذا تطفو هذه التيمات على وجه القصيدة وتتفوق على كلمات الفرح القليلة.