اذا كانت الكرة السعودية عاشت اخفاقا مؤلما في كأس العالم 2002 في كوريا الجنوبيةواليابان، فانها لم تكن افضل حالا في كأس اسيا 2004 في الصين التي شكلت كابوسا حقيقيا لها. فللمرة الاولى في تاريخه، يودع المنتخب السعودي نهائيات كأس اسيا من الدور الاول بعد ان فرض ذاته واحدا من افضل المنتخبات الاسيوية منذ بدء مشاركته فيها عام 1984، فكان طرفا في المباراة النهائية للدورات الخمس الماضية، وظفر باللقب ثلاث مرات اعوام 1984 و1988 و1996، وخسره مرتين امام اليابان عامي 1992 و2000. وهذا الحضور المميز للاخضر في البطولة الاسيوية جعل طعم الخروج من الدور الاول امس مرا على السعوديين الذين رفضوا ان يتقبلوه بسهولة، فكانت ردة الفعل الاولى اقالة الجهاز الفني وعلى رأسه المدرب الهولندي جيرارد فان درليم، والطلب من لجنة المنتخبات دراسة المشاركة، فضلا عن مساءلة بعض اللاعبين. ويأتي كابوس اسيا 2004، بعد عامين تماما من اخفاق المنتخب السعودي في اهم محفل دولي اقيم على مقربة من الصين، وتحديدا في اليابان التي احتضنت مبارياته في مجموعة ضمته الى المانيا وجمهورية ايرلنداوالكاميرون، وكان حينها بقيادة المدرب المحلي ناصر الجوهر. وحملت المباراة الاولى امام المانيا ذكرى مؤلمة جدا لن تمحى من الذاكرة حيث خسرالمنتخب السعودي صفر-8، وجاء وقع المباراة الثانية امام الكاميرون اخف وطأة حيث خسر فيها صفر-1 مع انه سنحت له بعض المحاولات للتسجيل فيها، وكانت المباراة الثالثة من باب تأدية الواجب بعد ان خرج من دائرة المنافسة على بطاقة للتأهل الى الدور الثاني، وخسرها امام ايرلندا ايضا صفر-3. واراد السعوديون ان تكون كأس اسيا محطة لهم لمحو الاثار السلبية التي خلفتها المشاركة في مونديال 2002 رغم انهم اعلنوا ان المنتخب في مرحلة بناء للمستقبل وهدفه التأهل الى كأس العالم في المانيا عام 2006 للمرة الرابعة على التوالي. وفعلا، ضمت تشكيلة المنتخب السعودي عددا كبيرا من اللاعبين الشباب الذين يشاركون في البطولة الاسيوية للمرة الاولى كحمد المنتشري ورضا تكر ويسري الباشا وعبد الرحمن البيشي وياسر القحطاني والحارس طارق الحرقان وغيرهم، لكن بعض اصحاب الخبرة كانوا موجودين امثال احمد الدوخي ومحمد الشلهوب وخميس العويران وابراهيم سويد ومرزوق العتيبي. وافتقد الاخضر لاعبين مهمين حالت الاصابة دون مشاركتهما في النهائيات هما محمد نور وعبدالله الواكد حيث اصيبا في المعسكر الاخير في ماليزيا قبل التوجه الى الصين. ولا يشكل هذا عذرا بالنسبة الى السعوديين لانهم لم يبلغوا الدور ربع النهائي على الاقل ما كان سيحفظ ماء الوجه لهم، لا بل انهم حلوا في المركز الرابع الاخير للمجموعة الثالثة بنقطة واحدة فقط من ثلاث مباريات. وانكشف عنوان الطموحات السعودية في البطولة منذ المباراة الاولى التي سقط فيها المنتخب في فخ التعادل مع تركمانستان 2-2 وذلك بعد نحو شهر من فوزه عليها بسهولة تامة بثلاثة اهداف نظيفة في الجولة الثالثة من التصفيات الاسيوية المؤهلة الى مونديال 2006. وكانت الخسارة امام اوزبكستان في المباراة الثانية صفر-1 قاسية ليس بنتيجتها بل بانعكاساتها، لانها وضعت الجهاز الفني في قفص الاتهام، حيث حمله الامير نواف بن فيصل نائب رئيس الاتحاد السعودي مسؤوليتها بتحفظه الدفاعي والتغييرات التي اجراها، مع العلم بان السعودية كانت اكتسحت اوزبكستان بخمسة اهداف نظيفة في الجولة الثالثة من الدور الاول في الدورة الماضية في لبنان عام 2000. وكان اللاعبون والجهاز الفني تحت الضغط في المباراة الثالثة، فاجتهد فيها الاخضر للفوز لكنه سقط امام العراق 1-2 وودع البطولة من الدور الاول، وودع معه الجهاز الفني باكمله حيث اتخذ قرار اقالته مباشرة بعد المباراة امس الاثنين. ولم يكن المنتخب السعودي مقنعا في مبارياته الثلاث رغم ان اللاعبين بذلوا جهدا كبيرا فيها، وظهر انه افتقد الخبرة والاحتكاك قبل البطولة وهي ثغرة لافتة في مرحلة اعداده لان المدرب فان درليم كان يفضل دائما عدم اقامة مباريات تجريبية قوية والاكتفاء بمواجهة الفرق المغمورة ما انعكس سلبا على المشاركة في البطولة. واذا كانت نكسة المونديال جاءت امام منتخبات قوية، وتحديدا الخسارة الكبيرة كانت امام المانيا، احدى اعرق الدول في كرة القدم، فان التأهل الى مونديال 2006 قد يعوض ذلك، اما الخروج من الدور الاول في كأس اسيا فلن يكون امرا يسهل هضمه بسرعة بالنسبة الى السعوديين الذين يعتبرون ان منتخبهم تزعم اسيا طوال عشرين عاما. من لقاء الاخضر والعراق