جرد النصر جاره الهلال من لقبه الذي ظل بحوزته ست سنوات متتالية، وزيّن خزائنه بكأس سمو ولي العهد بعد غياب دام 40 عاماً، توقفت خلالها المسابقة 16 عاما، وبهذا التتويج رد النصر اعتباره عقب خسارة نهائي النسخة الفارطة وانتزع اللقب الأول بعد آخر لقب حققه عام 2008. وهذه البطولة لم تأت محض الصدفة أو ضربة حظ ولم تكن في الحقيقة واقعا لولا العمل الاحترافي الكبير على المستوى الإداري والفني والضخ المالي اللامحدود خلال السنوات الخمس الماضية التي لعب خلالها الفريق نهائيين قبل أن يلعب النهائي الثالث ويحرز اللقب. فإدارة النصر برئاسة الأمير فيصل بن تركي منذ توليها المهمة عام 2009 كان شغلها الشاغل إعادة الفريق لوضعه الطبيعي سيما وأنه يعد ضلعا ثابتا في معادلة الكرة السعودية عطفا على بطولاته العديدة وإفرازه للعديد من النجوم الذين قادوا المنتخبات الوطنية للكثير من البطولات فضلا عن تمتعه بقاعدة جماهيرية كبيرة تجاوزت حدود الوطن، ولهذا لم تأل جهدا في سبيل عودة الفريق لماضيه الجميل ونجحت خلال السنوات الخمس الماضية في صناعة فريق لا يُقهر إن جاز التعبير، حيث أبرمت جملة من الصفقات الكبيرة التي كان آخرها بداية هذا الموسم عندما استقطبت الإدارة الدولي السابق ولاعب الخبرة محمد نور الذي حقق عدة بطولات مع فريقه السابق الاتحاد والمنتخب السعودي ،والدولي السابق عبده عطيف، والدولي الموهوب يحيى الشهري الذي انتقل للفريق في أكبر صفقة في تاريخ الكرة السعودية، والتي تجاوزت قيمتها 48 مليون ريال سعودي. الإدارة نجحت بتميّز في بناء فريق قوي يملك شخصية البطل، وقادر على حصد المزيد من البطولات في السنوات المقبلة. واللاعب الشاب عبدالرحيم الجيزاوي والمدافع الأيمن كامل المر والمهاجم ربيع سفياني إضافة إلى التعاقدات السابقة التي تجاوزت العشر صفقات في عهد الإدارة الحالية فضلا عن تجديد عقود مجموعة من اللاعبين الذين يأتي في مقدمتهم مهاجم وهداف الفريق محمد السهلاوي والمدافع الدولي عمر هوساوي والحارس الأبرز في الدوري السعودي عبدالله العنزي، كما أنها تعكف حاليا على تجديد عقود محمد نور وعبده عطيف وخالد الغامدي وحسن الراهب وتعديل عقدي إبراهيم غالب وشايع شراحيلي وتمديدها لخمس سنوات مقبلة طبقا لما صرح به رئيس النادي الذي استغل فترة الانتقالات الشتوية واستبدل الثنائي البرازيلي باستوس وإيفرتون، وتعاقد مع العُماني عماد الحوسني والجزائري مراد دلهوم لينضما إلى جانب البحريني محمد حسين والبرازيلي إيلتون رودريغيز اللذين يقدمان مستويات مميزة مع الفريق. ونتيجة ذلك الجهد الكبير والعمل الجبار والضخ المالي الذي تجاوز نصف مليار ريال، نجح الفريق في استعادة جزء من توهجه، وبدأت الإدارة تحصد ثمار ما زرعت حيث توج الفريق بلقب مسابقة كأس ولي العهد إلى جانب تصدره لدوري عبداللطيف جميل للمحترفين دون خسارة وبفارق ست نقاط عن أقرب منافسيه، بعد نهاية الجولة العشرين، ولكن بعيدا عن حسابات الفوز والخسارة والتتويج بالبطولات من عدمها، فإن الإدارة نجحت بتميز في بناء فريق قوي يملك شخصية البطل وقادر على حصد المزيد من البطولات في السنوات المقبلة خصوصاً وأنه يملك كتيبة من أبرز النجوم المحليين ولم يعد هناك لاعب أساسي وآخر احتياطي، نظراً لتقارب المستوى الفني بين كافة اللاعبين الذين جمعوا بين الخبرة وحيوية الشباب، فضلا عن تحليهم بثقافة الفوز وتميزهم بالروح القتالية داخل المستطيل الأخضر. وكان الفريق "البطل" قد بدأ مشواره في المسابقة الغالية بمواجهة نجران في الدور ثمن النهائي، ونجح في تجاوزه بسهولة وبنتيجة ثلاثة أهداف نظيفة تعاقب على تسجيلها البرازيلي إيفرتون ومواطنه إيلتون وخالد الزيلعي، وفي ربع النهائي حل ضيفاً على الخليج "درجة أولى" وفاز بثلاثة أهداف لهدف سجلها البرازيلي إيلتون ويحيى الشهري وعبدالرحيم جيزاوي، وفي نصف النهائي اصطدم بالشباب وتعلب عليه بهدف سجله حسن الراهب في الوقت الإضافي وتأهل للنهائي عن جدارة قبل أن يواجه غريمه التقليدي الهلال ويتجاوزه بهدفين لواحد سجلهما مدافع الهلال سلطان الدعيع بالخطأ في مرماه ومحمد السهلاوي من نقطة الجزاء . ولأن الشيء بالشيء يذكر فإن الفريق قد بدأ مشواره مع البطولات عام 1963 عندما توج بلقب دوري الدرجة الثانية " الأولى" حالياً بينما تعتبر كأس ولي العهد هي البطولة الأخيرة، كما يعد الفريق هو أول فريق يتوج بلقب الدوري الممتاز حينما كان يحمل مسمى الدوري التصنيفي وذلك عام 1975، كما أنه أيضاً يعتبر أول فريق يتوج بلقب كأس الاتحاد السعودي وذلك عام 1976، كما أنه يبقى أول فريق سعودي وآسيوي يصل إلى نهائيات كأس العالم للأندية. ولم يختلف إبداع الجماهير النصراوية في هذا الموسم عن إبداع فريقها، حيث حظيت بإشادة الجميع في الوطن العربي في ظل الدعم والمؤازرة والإبداع في رسم اللوحات المعبرة في المدرجات في جميع الملاعب دون استثناء والتي باتت حديث الشارع الرياضي والقنوات الفضائية، فهذه الجماهير كانت أكبر داعم رئيسي للفريق وعامل أساسي ومؤثر في تحقيق تلك المكتسبات سواء على مستوى الأداء الفني أو النتائج التي تحققت حتى الآن. وبعد التتويج باللقب احتفت الجماهير النصراوية على طريقتها الخاصة في مقر النادي حتى الساعات الأولى من صباح أمس والذي شهد تواجد عدد كبير من أعضاء الشرف الذين أكدوا دعمهم لفريقهم مادياً ومعنوياً، في الوقت الذي سيوقف فيه الفريق اليوم احتفالاته وسيفتح خلاله صفحة الدوري والشروع في الاستعداد لمواجهة الفيصلي يوم الجمعة المقبل في ختام منافسات الجولة الواحدة والعشرين من بطولة دوري جميل للمحترفين .