عزيزي رئيس التحرير تلعب الوراثة دورا مهما في تكوين ذكاء الطفل اذ يحوز عامل الوراثة القسم الاكبر من هذا الذكاء، فاذا لم ينم هذا الذكاء ويطور بشكل سليم سرعان ما يتلاشى ويضمحل الى ان يصبح ذكاء عاديا أو ما تحت العادي. فنحن نعلم ان الوليد يبدأ بتلقي المعلومات منذ اللحظة الاولى لولادته وذلك عن طريق والديه اللذين يحصل من خلالهما على كل تلك المعلومات، فهما يعدان المصدر الاول عن نضوج مدارك طفلهما المبكر وتعلمه السريع، وان دورهما كمعلمين هام جدا في اكتسابه المهارات الشخصية والقدرات الفكرية، اذ يتضاعف وزن الدماغ في الطفل الرضيع خلال السنة الاولى من العمر بسبب تكاثر خلايا الدماغ من جهة، والى نمو نقاط الاتصال بين الخلايا ومختلفا اجزاء الدماغ من جهة اخرى، ولهذا اهمية بالغة فبدونها لا نستطيع التفكير والتعلم، فالعناية بشخصية الطفل منذ الصغر تقوي ارادته وقدرته على الملاحظة والمراقبة والتركيز وتقوي ايضا امكانياته على ان يكون مبدعا ومصمما، طموحا ومجتهدا. فما على الابوين فعله لمساعدته هو تنمية الادراك والتعلم لديه من خلال الكلام المتواصل والتكرار، فهو يبدأ بالادراك والاستجابة للاصوات منذ يومه الاول، وان يدركوا ان شخصية الطفل تعتمد بشكل كبير على ما يتعلمه منهم وليس ما يرثه وذلك يكون في عدة خطوات. فالطفل الوليد مثلا: يكون متيقظا مرهف السمع، يميز والديه، يحب اللعب، فهي الوسيلة الطبيعة له كي يتعلم، فاختاري له العابا تتناسب مع سنه تنمي مداركه، فالالعاب الهادفة تستثير جميع حواسه في حب الاستطلاع واكتشاف كل جديد، فمثلا الالعاب التي تناسب الطفل قبل بلوغ السنة هي تلك التي تمنحه تجربة عن الالوان والتراكيب والمواد والاشكال والالعاب المصوته اي التي تصدر صوتا كالخشخيشة وغيرها، وكذلك يستمتع الطفل في لعبة قوامها وضع الاشياء في كيس او علبة ثم افراغها منها: لذا اجذبي انتباهه الى ملاحظة التفاصيل، فالطفل بطبيعته يتلمس دقائق الامور، غذي لديه الفضول، وسعي مداركه بالحديث اليه عما تشاهدنيه وتفعلنيه، اذكري اسمه امامه مرارا وتكرارا، العبي معه لعبة اسقاط الشيء والتقاطه او لعبة الاخذ والعطاء، اجعلي المرآة امام وجهه ليرى صورته فيها، اذكري اسمه لتعريفه على ذاته: انظر هذا انت يا محمد، كرري على مسامعه كل صوت مثل ماما بابا. اما الطفل الذي تخطى السنة فقد اتسعت آفاقه وارتقى وعيه، لذا العبي معه بما يتوافق مع عمره وقدراته وهذا مهم جدا، اسعي ان تركزي له على تسمية الاشياء واعضاء الجسم، اطلبي منه بعض الاعمال البسيطة التي تشعره بوجوده، كما في ترتيب ووضع الاشياء في اماكنها الصحيحة، حاولي مساعدته في ترتيب المفردات لانشاء جميلة بسيطة من ثلاث الى اربع كلمات، وضحي له مفهوم الملكية، قولي له هذه كرة سامي، وهذه كرتك، هذه تفاحتي وهذه تفاحتك، صفي لطفلك خواص وصفات كل شيء الطيور تطير.. السيارات تسير، الغراء مادة لزجة، الفراء ناعم، الكرة مستديرة وهكذا ناقشي طفلك في كل ما تقع عيناه عليه، استخدمي الارقام في حديثك معه مثل العد على اصابعه، ووضحي له كيفية استعمال الادوات البسيطة كالملعقة للاكل والكأس للشرب، قدمي طفلك للاطفال الآخرين، علميه الرسم، ارسمي له اشخاصا وحيوانات واطلبي منه ان يكمل الاجزاء الناقصة وناقشيه فيها، اختراي له كتبا خفيفة ذات صور ملونة، ايضاحية، زاهية، ضعيها الى جوار السرير ولتجعلي الساعة التي تسبق النوم ساعة للقراءة والمطالعة، اقرأي له قصص بسيطة فالقصص التي يكون ابطالها الام او الاب او الطفل او الحيوانات الاليفة قصصا ممتعة يستمع اليها الطفل بشغف واهتمام. تكلمي حول بعض الاحداث اليومية والتجارب الحياتية لتقوي لديه الذاكرة، العبي معه العابا تحتاج الى العد مثلا: عد قطع الملابس التي ترتدينها، عد الاشياء التي تشترينها، حاولي ان تستحضري معه الافعال الماضية: ك (ذهبنا البارحة الى السوق)، امنحيه الشعور بالذات، شجعي لديه الاستقلالية والاعتماد على النفس عن طريق ترك المجال امامه لاخذ بعض القرارات البسيطة مثلا: اطلبي اليه ان يختار ما يرغب من ملابس او طعام او العاب. وفي الختام عزيزتي الام، علينا ان نعطي للكتاب اهمية قصوى في هذه المرحلة العمرية اذ ان الكتاب يجمع بين الابوين والطفل، فانك عندما تقرئين له قصة توسيع مداركه وتمكنيه من اكتشاف الآفاق المترامية وراء الكلمات واسطر القصة فيطلق العنان لخياله سارحا باحثا وراء عالمه الواسع والمجهول، فجعل الكتب على رفوف قريبة من متناول يده تغريه بتصفحها والمطالعة فيها، فلا تتوقفي عن القراءة لطفلك حتى في وقت استطاع فيه القراءة لوحده لان الطفل لا يزال يستمتع باستملاك جزء من وقتك يقضيه بالقرب منك يشعر باهتمامك وحنوك نحوه. نرجس علي الحرز