لم تعد المقاهي في بعض مناطق بلادنا الحبيبة وبالخصوص محافظة الاحساء كما هي الحال في السابق مقصورة على الرجال فحسب، بل اخذت طابعا اخر وسيئا الى ابعد الحدود بانضمام رواد جدد اليها. ومما يزيد الامر سوءا ان اكثر هؤلاء الرواد لتلك المقاهي من الشباب الذين لا تصل اعمارهم السبعة عشر عاما، بل ما يزيد الطين بلة والانكى من ذلك كله برفقتهم زرافات ووجدان من فتيه لا تتجاوز اعمارهم الاثنى عشر عاما، وبالخصوص يزداد الامر سوءا بعد اغلاق المدارس ابوابها.. انه الموسم السنوي الذي يحجز فيه الاباء والامهات عن ضبط ايقاع النظام في المنزل. فيذهب الاب الى فراشه، مبكرا، ملتزما بنظام عمله، وتتهرب الام من مسؤوليتها متذرعة بان، (الاولاد فاضيين)، ولا داعي لالزامهم ببرنامج النوم التقليدي الذي اعتادوا عليه طيلة الموسم الدراسي..! وبقدر ما لهذه الفوضى من اثار سلبية اجتماعية وعقائدية وصحية ونفسية ايضا فسوف اتناول بعض هذه الاثار السلبية والتي تعتبر في الحقيقة من المفاسد التي جنبناها وسنجنيها من انتشار هذه الظاهرة في مجتمعنا المعاصر. اولا: بادئ ذي بدء انتشار هذه الظاهرة المشؤومة تعتبر بمثابة المفسدة في الدنيا والدين حيث غالبا ما ينتشر في تلك المقاهي كثير من الامور المحرمة شرعا، والتي تضعف العقيدة لدى اولادنا وفلذات اكبادنا من الاتصال بالله عز وجل، فعلى اثر ذلك ترتكب المحرمات منذ دخوله الى ذلك المقهى وحتى لحظة خروجه. اولتي يقضي فيها الساعات الطوال في هرج ومرج من احاديث غير لائقة بذيئة اللسان ولعب ورقة (البالوت) وشيشة ومعسل. ثانيا: ما يترتب على ذلك المفاسد الامنية التي لا نخفى على احد ولا شك في ان هذه الظاهرة نذير سوء على مجتمعنا وخير دليل اقسام الشرطة ودور الاحداث تقدم قصصا يندى لها الجبين البشري مما تفعله تلك الظاهرة السيئة فأولها اخلال الامن ونشر الفوضى والفساد في المجتمع، فالشباب يضيع جل وقته مما ينعكس على مستقبله الدراسي، فيصبح عالة على مجتمعه ووطنه. ومن المعلوم ايضا ان هذه المقاهي تستنزف اموال مرتاديها وتستذلهم كما يستذل المروج مدمن المخدرات، فيلهث ذلك الشاب من اجل تحصيل مبالغ مالية يضعها بين فكي تلك الذئاب الجائعة من اصحاب تلك المقاهي، عندها يلجأ ذلك الشاب الى التحايل على والديه واحيانا يضطر الى السرقة والى الطرق الملتوية غير المشروعة من اجل الاستمتاع مع زملائه في تلك الجلسات المشبوهة. اضف الى ذلك ان بعض الذين يرتادون تلك المقاهي هم من ضالة المجتمع فيهم المروجون والمدمنون واهل السوابق مما يجعل الشباب حديثي السن فريصة ولقمة سائغة لاطماع هؤلاء المفسدين الذين لا يألون جهدا في تدريس فنون الجريمة وانتشار الرذيلة. والكل يعلم ويدرك جيدا ان تسكع الشباب في تلك الاماكن المشبوهة دركونهم اليها يكون ناتجا عن عدم توفر وظائف العمل او لعدم وجود وسائل الترفيه او هروبا من الفراغ القاتل الذي قد يؤدي لا سمح الله الى اثر خطير على امن البلاد والعباد، فبسبب هذه المقاهي تكثر السرقات وتنتهك الحرمات وتنتشر الرذيلة وتموت الفضيلة ويزداد الفساد في المجتمع بشتى انواعه. ثالثا: كما هو معروف ومسلم ان الضيف الدائم في تلك المقاهي هي الشيشة والمعسل فاضرارهما الحصية والنفسية معروفة، وقد افاض الاطباء واسهبوا بالحديث المفصل عنهما، ومما يزيد مشكلة التدخين فداحة الغفلة التي يقع فيها المراهقون الذين يبدأون التدخين وهم لا يتصورون النتائج المستقبلية المترتبة على ما يفعلون. والمشكلة هي ان المراهق يرى في نفسه رجلا عندما يدخن. الامر الذي يشير الى ان البرامج التربوية والتوعوية باضرار التدخين لا تصل رسائلها بفعالية الى الصغار من طلاب المدارس. كما يشير الى انتشار ظاهرة تدخين صغار السن لامر خطير يهدد مستقبل الصحة البشرية بشكل عام. رابعا: السهر في الليل والنوم في النهار على المستوى الصحي يجر الكثير من الاضرار، ولعل ابسط هذه الاضرار هو ذلك العبث بالساعة البيولوجية التي اودعها الله في اجسامنا، وهيأنا بها لنتعامل مع (المعاش) و(السبات)..! حيث قال عز من قال في محكم كتابه، (وجعلنا نومكم سباتا، وجعلنا الليل لباسا وجعلنا النهار معاشا). صدق الله العظيم. خامسا: من الاثار ايضا تدني مستوى طلابنا وبالخصوص المستجدين منهم في الجامعات، وانخفاض معدلاتهم التراكمية، ودوما وابدا نعلق الاسباب على شماعات متعددة وداهية، فتلقى باللوم تارة على المناهج، وتارة على المربين، متناسين ان لهذه المقاهي دورا كبيرا في تدني مستوياتهم الاكاديمية والاخلاقية ايضا، فعندما يسلك الطالب الحياة الجامعية يحس بنوع من الانفتاح والحرية لم تكن مألوفة لديه سابقا عندها يخرج كل يوم يجول بين هنا وهناك، وعلى اثر ذلك يجد من يمد ذراعيه اليه مصطحبا اياه الى تلك المقاهي التي تفتح فاتحة ابوابها على مصراعيها على مدار الاربع والعشرين ساعة تقريبا، عندها يجد هذا الشاب المسكين في نهاية الفصل الدراسي نفسه محروما من دخول الامتحان في اغلب المواد، فتقوم قيامته مختلقا اعذارا وهمية مستنجدا بالقاصي والداني لمساعدته، وفي اكثر الاحيان تضطر الجامعة الى فصله لاسباب مستواه المتدني والفشل الذي لحقه به اثر تردده على تلك المقاهي. وختاما اقدم لكم اخواني الشباب بدلا من ان تتباكى على حالك وترثي نفسك وتلوم ذا وذاك فعليك ان تقف وقفة صادقة مع نفسك بعدم ارتياد هذه الاماكن المشبوهة، وان تتقي الله في اموالك، فاعلم لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن اربع ومنها: عن ماله من اين اكتسبه؟ وفيما انفقه؟ كما ادعو كل ذي لب سليم بان ينصح هؤلاء الشباب بعدم ارتياد هذه المقاهي وان يبين لهم. المصائب والشرور العاجلةو الاجلة، فليس فيها والله الا الحسرة والندمة في الدنيا قبل الاخرة. كما اطالب الاباء بعدم اصطحاب اطفالهم الى تلك المرافق لما يترتب عليه من اثار سلبيه في المستقبل، كما اناشد اصحاب تلك المقاهي وضع مراقب لمنع هؤلاء الفتية من الدخول لتلك المقاهي وعلى المسؤولين في القطاع المختص ان يضغوا قيودا صارمة لكل من يخالف القوانين مع النظر بعين الاعتبار. أديب الزكري