كانت حرب العراق والخلع المفاجئ والسريع لنظام صدام حسين السابق دعما ومصدر قوة لاعادة انتخاب الرئيس الامريكي جورج بوش. لكن العراق انقلبت بشكل مباغت دينا سياسيا يكبل عنق الرئيس الامريكي.وانهار نظام بغداد في أوائل شهر نيسان أبريل من العام الماضي لكن نسبة التأييد الداخلي لسياسية بوش بشأن العراق تراجعت مع زيادة فترة تواجد قوات الاحتلال الامريكية في العراق مرورا بشهور ساخنة في الصيف الماضي. لكن القبض على صدام مختبئا في أحد الجحور(حسب رواية امريكية تزداد الشكوك حولها) وهو في حالة مزرية للغاية في شهر كانون الاول/ديسمبر كان له أكبر الاثر في زيادة دعم الرأي العام الامريكي للرئيس بوش.وفي تطور آخر أسهم تجدد القتال على مدى ستة أسابيع بين القوات الامريكية والمقاومين العراقيين الذين شملوا موالين لصدام ومسلحين إسلاميين في زيادة الخسائر في الارواح الامريكية خلال شهر نيسان/أبريل الماضي. وانخفضت بحدة نسبة التأييد بعد فضيحة الانتهاكات بسجن أبو غريب العراقي في شهر أيار/مايو الماضي التي أسهمت أيضا في شعور بأن العراق أصبح يشكل بالنسبة للامريكيين مستنقعا.وقبل تسليم السيادة قانونيا لحكومة عراقية جديدة أظهرت استطلاعات الرأي ان أغلبية الامريكيين يعتقدون بأن سعي إدارة بوش للحرب ضد العراق لم تكن تستحق الثمن الذي دفع من الدماء والثروة. ومنح موعد 30 حزيران/يونيو الجاري الذي اتفق عليه في مفاوضات أجريت في تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2003 فرصة رمزية لادارة بوش لكي تهرب من العراق قبل أربعة شهور من الانتخابات الرئاسية. وأقر مجلس الحكم العراقي دستورا مؤقتا في الاول من آذار/مارس الماضي. ووقعت وثيقة بعد ذلك التاريخ بأسبوع واحد طالب فيها زعماء المسلمين الشيعة الذين يشكلون أغلبية في العراق بإجراء انتخابات مبكرة في كانون الثاني/يناير من عام 2005. وأكد الدستور موعد تسليم السلطة في 30 حزيران. وانتقد الديمقراطيون المعارضون من يسار الوسط لاسابيع عديدة خطة تسليم السلطة مشيرين إلى ان الكيان العراقي الذي سيجري تسليم السلطة إليه مازال هشا وغير واضح. وقلت حدة المعارضة في الاول من حزيران/يونيو عندما جرى تعيين حكومة انتقالية يشغل فيها غازي الياور منصب رئيس العراق فيما يشغل إياد علاوي منصب رئيس الوزراء الذي تولى السلطة مباشرة بعد ان حل مجلس الحكم العراقي نفسه. وسارعت حكومات عديدة بالاعتراف بالحكومة العراقية التي سافر أعضاؤها إلى نيويورك للاجتماع بمقر مجلس الامن. وشارك رئيس العراق زعماء كبرى الدول الصناعية في قمتهم التي عقدت في جورجيا برعاية بوش. لكن النقاد في العراق وحول العالم وفي الولاياتالمتحدة قالوا ان تسليم السلطة للعراقيين سيكون صوريا فقط حيث سيستمر تواجد قوات أمريكية يبلغ قوامها 140 ألف جندي فضلا عن 20 ألف جندي آخر من بريطانيا ودول أخرى. وليس من المقرر ان تغادر تلك القوات العراق في وقت قريب. وسوف يتولى علاوي قيادة الشرطة العراقية الجديدة وقوات الامن التي لم يختبر معظمها ومازالت مصداقيتها على المحك. وحذر علاوي من احتمال وقوع كارثة كبرى في حالة مغادرة قوات التحالف التي تقودها الولاياتالمتحدة للعراق.