ليلة رامي كانت غير هادئة ... تبعثرت فيها الأحلام ... لم يكن خوفا من الاختبارات التي سيجريها في الصباح ... يشعر بشيء اكبر وأقوى سيحدث له ... قلبه الصغير يحدثه بذلك .. أمه طمأنته ... سقته كوب اللبن ... غنت له البلبل الحيران ... أطفأت نور الغرفة وخرجت ... إلا أنه لم يهدأ له جفن... يشعر بشفافية الأطفال التي لم تلوث بعد بأن هذه هي الليلة الأخيرة له في الحياة ..! والد الطفل المغدور برصاص الإرهاب سمير بسيوني (مصري الجنسية) حكى ل (اليوم): كيف قضى ابنه 9 سنوات الليلة الأخيرة ... قبل أن تصرعه رصاصات الإرهابيين الغادرة. قال الوالد المكلوم وعيناه تفيضان بالدمع: رامي كان يشعر بالخوف على غير عادته في ذلك اليوم وطلب من والدته أن تنام بجواره ولا تتركه لأنه خائف وكانت المرة الأولى التي يطلب فيها من والدته النوم معه ... وطلب منا أن نودعه قبل أن ينام ... وفي الفجر توضأ وصلى وكان في قمة النشاط والحيوية على غير عادته لأداء اليوم الأول في الاختبارات وفي تمام السابعة صباحا ودعنا وقبل يدي ويد والدته وطلب منا الصفح والغفران وتوجه إلى سيارة المدرسة وكان بها 3 طلاب آخرين ، وأمام بوابة المجمع السكني (مجمع ابيكورب بالراكة) سمعنا دوي طلقات رصاص فجرينا نستطلع الأمر فوجدنا سيارة المدرسة تحترق حاولنا إنقاذ رامي الذي كان يجلس باطمئنان إلا أن الإرادة الإلهية كانت اسبق منا جميعا ... وذهب رامي . ويمسح أبو رامي من على خده دمعة .. ويتجرع لوعة .. ويقول : ساد الحزن المجمع والمدرسة فابني كان محبوبا من الجميع .. وكان مثاليا في كل شئ .. والجميع بكى عليه ... وأوضح أن والدته أصابها انهيار في أول الأمر ولكنها الآن بخير وسلمت بإرادة الله .. وسافرت إلى مصر مع ابني وسام وابنتي رنا لتهدئة الأعصاب ونسيان الذكرى المؤلمة وسيعودون قريبا إن شاء الله أما ابنته الكبرى ولاء فتعيش مع أسرة صديقة لاستكمال اختبارات الثانوية العامة بهدوء وتركيز والابتعاد عن جو البيت خاصة غرفة رامي حيث الذكريات. وقال والد الطفل الشهيد: إن ما حدث لابنه لا يجد له تفسيرا ... ومن يقدم على هذه الجرائم ليس من البشر ... ويجب استئصاله لأنه مرض وانتشر ... ودعا الفئة الضالة المساهمة في بناء المجتمع ونبذ العنف والإرهاب خاصة في بلاد الحرمين الشريفين. وعن لقائه بصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد أمير المنطقة الشرقية قال سمير بسيوني والذي يعمل في شركة "ابيكورب" منذ 25 عاما : لقاء الأمير خفف من مصابي كثيرا... وكان بلسما على صدري الذي ضاق بفراق ابني وقد نقل لي سموه تعازي القيادة الرشيدة في وفاة (رامي) مؤكدا أن ذلك يدل على نبل أخلاق هذه البلاد وشعبها وما يحدث من الفئة الضالة غريب عن هذا المجتمع ... ووجه والد الطفل المغدور سؤالا واحدا للإرهابيين: لماذا؟! السيارة التي أحرقها الإرهابيون وفي الاطار الطفل رامي المحرر مع والد الطفل