كان حوالي 500 من الفلسطينيين، بينهم نساء واطفال، يشاركون صباح أمس في مسيرة احتجاج على المجزرة التي ينفذها جيش الاحتلال الاسرائيلي في مدينة رفح، عندما فوجئوا بصواريخ تهبط حولهم وقذيفة تتفجر عليهم مودية بحياة من كان في مقدمة المسيرة. ودب الذعر في صفوف المتظاهرين في حي تل السلطان في مخيم المدينة وسقط نحو عشرة قتلى فيما تمدد العشرات على الارض وقد غطت الدماء جروحهم. وسارع من بقوا سالمين بحملهم على اكتافهم وجرهم الى سيارات الاسعاف التابعة للهلال الأحمر الفلسطيني. وبين الجرحى عدد كبير من الاطفال أو الفتية الذين غطت اجسامهم الدماء وهم يبكون. ولم تكفكف رفح دموعها كما لم تجفف بعد دماءها بعد مرور ثلاثة أيام دامية عليها بسبب عمليات الجيش الصهيوني وفي كل يوم يسقط عشرات الشهداء والجرحى وقد بلغ عدد القتلى الفلسطينيين خلال ثلاثة أيام في رفح حوالي ثلاثين شخصا. ودوت اربعة انفجارات في الاجمال بفارق زمني متساو. ونقلت فرانس برس عن شهود عيان ان الانفجارات ناجمة عن اربعة صواريخ اطلقتها مروحية حلقت فوق المتظاهرين، وتحدث آخرون عن صاروخين وقذيفتي دبابة. وزعم الجيش الاسرائيلي ان مسلحين كانوا بين المتظاهرين، وأن مروحية عسكرية اطلقت اولا صاروخا في قطاع خال على سبيل التحذير لكي يوقف المتظاهرون تقدمهم نحو الجنود. لكن المتظاهرين تابعوا تقدمهم ففتحت عندئذ مدرعات نيران اسلحتها الرشاشة كما قال الجيش على جدار بناء مهجور على طول الطريق قبل ان تطلق اربع قذائف على هذا البناء الذي لجأ اليه المسلحون، بحسب الجيش. وكانت التظاهرة انطلقت من ساحة العودة قرب المسجد الذي يحمل الاسم نفسه في وسط رفح، وسلكت شارع البحر باتجاه مخيم تل السلطان للاجئين الذي يشكل المسرح الرئيسي للعملية التي يشنها الجيش الاسرائيلي. وكان المتظاهرون يهتفون الله اكبر. واكد هؤلاء الشهود انه لم يكن هناك مسلحون بين حشود المتظاهرين. واكد الطبيب فوزي عبد الهادي مدير عيادة عند مدخل تل السلطان كانت مسيرة سلمية. 80% من المشاركين فيها كانوا من النساء والاطفال، لم يكن فيها مسلحون. واضاف: سمعت دوي انفجار.. كانت دبابة (اسرائيلية) ومروحية تطلقان النار. واوضح مصباح ابو عبد (18 عاما) بدأت بالتراجع بعد الصاروخ الاول.. شاهدت جثثا على الارض والدم في كل مكان. من جهته قال شاب اكتفى بالتعريف عن نفسه باسم محمود: كنت عائدا من المدرسة عندما سمعت سيارة تدعو بمكبرات الصوت الى مسيرة في تل السلطان. واضاف: ذهبت اليها مع اصدقائي.. اطلقت مروحية اول صاروخ امام المتظاهرين الذين كانوا في مقدمة المسيرة مما تسبب في سقوط جرحى. واضاف الشاب الذي كان لا يزال في حال من الصدمة: حصلت عملية قصف ثانية بعد دقيقة واصابت متاجر في الشارع وتطايرت شظاياها في كل مكان.. ركضت مبتعدا وشاهدت قتلى وجرحى. وفي مستشفى ابو يوسف النجار كان قسم المشرحة مليئا الى حد ان الجثث نقلت الى غرفة مبردة في مزرعة خاصة تقع على بعد مئات الامتار من المستشفى. وقبل هذه التظاهرة المأساوية، كانت جثث 13 فلسطينيا قد وضعت في هذه المشرحة. وفي هذه الاثناء، وجه المستشفى نداءات عبر مكبرات الصوت الى سكان رفح للتبرع بالدم. ودعا الرئيس الامريكي جورج بوش الفلسطينيين والاسرائيليين الى ضبط النفس وقال: انه ينتظر توضيحات من السلطات الاسرائيلية بشأن هذه الواقعة.وفي وقت سابق اعتبر الناطق باسم البيت الابيض سكوت ماكليلان بأن الإدارة الأمريكية قلقة جدا من التقارير الواردة من غزة ومن عدد الضحايا. وبالرغم من ذلك أعلن الجيش الاسرائيلي ان عملياته الحربية في رفح مستمرة بإشراف رئيس الأركان الجنرال موشي يعالون وقائد المنطقة العسكرية الجنوبية، كما قال الناطق العسكري روث يارون. ودان الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات الجرائم البشعة التي ترتكبها اسرائيل في رفح داعيا الى ارسال قوات دولية لحماية الشعب الفلسطيني. وقال عرفات في بداية اجتماع طارىء للقيادة الفلسطينية: اطالب اللجنة الرباعية والدول العربية والمؤتمر الاسلامي ومجلس الامن الدولي والامم المتحدة باتخاذ القرارات التي تواجه هذه الجرائم البشعة. وشدد عرفات على ضرورة ارسال قوات دولية لحماية الشعب الفلسطيني، وتابع: المطلوب محاسبتهم (الاسرائيليين). كما ادان وزير الخارجية الايرلندي براين كوين الذي تتولى بلاده الرئاسة الحالية للاتحاد الاوروبي، الاستهانة غير المسؤولة بالحياة البشرية التي تبديها القوات الاسرائيلية في رفح جنوب قطاع غزة. واضاف: من الواضح ان ما حصل اليوم رد غير متناسب لأي تهديد يواجهه الجيش الاسرائيلي واظهر ان القوات الاسرائيلية تستهين بالحياة البشرية. محتل يروي ظمأ معتقل فلسطيني